رابعا: أشعار في الموت
  ٣٣ - سلام على أهل القبور الدوارس ... كأنهم لم يجلسوا في المجالس
  ولم يشربوا من بارد الماء شربة ... ولم يأكلوا من كل رطب ويابس
  ٣٤ - إذا ما أهل قبري ودعوني ... وراحوا والأكف بها غبار
  وغودر أعظمي رهناً لقبر ... تهاديه الجنائب والقطار
  مقيم لا يجاورني صديق ... بأرض لا أَزُور ولا أُزَار
  فذاك النأي لا الهجران حولا ... وحولا ثم تجتمع الديار
  ٣٥ - ننافس في الدنيا ونحن نعيبها ... وقد حذرتناها لعمري خطوبها
  وما نحسب الأيام تعجل سيرها ... بلى إنها فينا سريع دبيبها
  كأني برهطي يحملون جنازتي ... إلى حفرة يجثى علي كثيبها
  فكم ثم من مسترجع متوجع ... ونائحة يعلو عليَّ نحيبها
  وباكية تبكي عليَّ وإنني ... لفي غفلة عن صوتها فأجيبها
  ٣٦ - كانت بناحية طرابلس ثلاثة قبور مسنمة مكتوب على أحدها:
  وكيف يلذ العيش من كان موقناً ... بأنّ إله العرش لابد سائله
  فيأخذ منه ظلمهُ لعباده ... ويجزيه بالخير الذي هو فاعله
  وعلى القبر الثاني:
  وكيف يلذ العيش من كان موقناً ... بأن المنايا بغتة ستعاجله
  فتسلبه ملكاً عظيماً ونخوةً ... وتسكنه البيت الذي هو آهله
  وعلى القبر الثالث:
  وكيف يلذ العيش من كان صائراً ... إلى جدث يبلى الشباب منازله
  ويذهب ماء الوجه من بعد حسنه ... سريعاً ويبلى جسمه ومفاصله
  ٣٧ - قرئ على قبر ببغداد:
  الموت أخرجني عن دار مملكتي ... فالترب مضطجعي من بعد تتريف
  لله عبد رأى قبري فأعبره ... وخاف من دهره ريب التصاريف
  هذا مصير بني الدنيا وإن عُمِّروا ... فيها وغرَّهم طول التساويف