العتبة المنبرية في الأدلة الخطابية،

عبد الله بن يحيى العجري (معاصر)

رابعا: أشعار في الموت

صفحة 457 - الجزء 1

  نُشَاهِدُ ذَا عَيْنَ اليَقِيْنِ حَقِيْقَةً ... عَلَيْهِ مَضَى طِفْلٌ وَكَهْلٌ وَأَشْيَبُ

  وَلَكِنْ عَلاَ الرَّانُ القُلُوبَ كَأَنَّنا ... بِمَا قَدْ عَلِمْنَاهُ يَقِيْنَاً نُكَذِّبُ

  نُؤَمِلُ آمَالاً وَنَرْجُو نَتَاجَهَا ... وَعَلَّ الرَّدَى مِمَّا نُرَجِيْهِ أَقْرَبُ

  وَنَبْنِي القُصُورَ المُشْمَخِراتِ في الهَوَى ... وفي عِلْمِنَا أَنَّا نَمُوتُ وَتَخْربُ

  وَنَسْعَى لِجَمْعِ المَالِ حِلاً ومأْثمًا ... وَبالرَّغْمِ يَحْوِيْهِ البَعِيْدُ وأَقْرَبُ

  نُحَاسَبُ عَنْهُ داخلاً ثُم خَارِجَاً ... وَفَيْمَا صَرَفْنَاهُ وَمِنْ أَيْنَ يُكْسَبُ

  ويُسْعَدُ فِيهِ وَارِثٌ مُتَعَفِفٌ ... تَقِيٌ وَيَشْقَى فيه آخَرُ يَلْعَبُ

  وَأَوَّلُ مَا تَبْدُو نَدَامَةُ مُجْرِمٍ ... إذَا اشتَدَّ فيه الكَرْبُ والرُّوْحُ تُجْذَبُ

  وَيُشْفِقُ مِنْ وَضْعِ الكِتَابِ وَيَمْتَنِي ... لَوْ انْ رُدَّ لِلدُّنْيَا وَهَيْهَاتَ مَطْلَبُ

  وَيَشْهَدُ مِنَّا كُلُّ عُضْوٍ بِفِعْلِهِ ... وَلَيْسَ على الجَبَّارِ يَخْفَى المُغَيَّبُ

  إذا قِيْلَ أَنْتُمْ قد عَلِمْتُمْ فَمَا الذي ... عَمِلْتُمْ وَكُلٌ في الكِتَابِ مُرَتَّبُ

  وَمَاذَا كَسَبْتُمْ في شَبَابِ وصِحَّةٍ ... وفي عُمُرٍ أَنْفَاسُكُمْ فِيهِ تُحْسَبُ

  فَيَا لَيْتَ شِعْرِي ما نَقُولُ وما الذي ... نُجِيْبُ به والأمْرُ إذْ ذَاكَ أَصْعَبُ

  إلى اللهِ نَشْكُو قَسْوَةً في قُلُوبِنَا ... وفي كُلِّ يَوْمٍ وَاعِظُ المَوْتِ يَنْدُبُ

  ولله كَمْ غَادٍ حَبِيبٍ ورائِحٍ ... نُشَيّعُهُ لِلْقَبْرِ والدَّمْعُ يَسْكُبُ

  أَخٌ أَوْ حَمِيمٌ أَو تقيٌ مُهَذَبٌ ... يُوَاصِلُ في نصْحِ العِبَادِ وَيَدْأبٌ

  نُهَيْلُ عليهِ التُربَ حَتِّى كَأَنَّهُ ... عَدُوٌ وفي الأْحْشَاءِ نَارٌ تَلَهَّبُ

  وَما الحالُ إلاَّ مِثْلُ مَا قَالَ مَنْ مَضَى ... وَبِالجُمْلَةِ الأَمْثَالُ لِلنَّاسِ تُضْرَبُ

  لِكُلِّ اجْتَمَاعٍ مِن خَلَيْلَيْنِ فِرْقَةٌ ... وَلَوْ بَيْنَهُمْ قَدْ طَابَ عَيْشٌ وَمَشْرَبُ

  وَمِن بَعْدِ ذَا حَشْرٌ وَنَشْرٌ وَمَوْقِفٌ ... وَيَوْمٌ بِهِ يُكْسَى المَذَلَّةَ مَذُنِبُ

  إذا فَرَّ كُلٌ مِن أَبِيْهِ وَأُمِّهِ ... كَذَا الأُمُّ لَم تَنْظُرْ إليهِ ولا الأَبُ

  كَمْ ظَالِمٍ يَدْمَى مِن العَضِّ كَفُهُ ... مَقَالَتُهُ يا وَيْلتِي أَيْنَ أَذْهَبُ

  إذَا اقْتَسَمُوا أَعْمَالَهُ غُرَمَاؤُهُ ... وَقِيْلَ لَهُ هَذَا بِمَا كُنْتَ تَكْسِبُ

  وَصُكَّ لَهُ صَكٌ إِلَى النَّارِ بَعْدَمَا ... يُحَمَّلُ مِنْ أَوزَارِهِمْ وَيُعَذَّبُ