رابعا: أشعار في الموت
  وتعلم أن الموت ينقض مسرعاً ... عليك يقيناً طعمه ليس يعذب
  كأنك توصي واليتامى تراهم ... وأمهم الثكلى تنوح وتندب
  تغص بحزن ثم تلطم وجهها ... يراها رجال بعدما هي تحجب
  وأقبل بالأكفان نحوك قاصد ... ويحثي عليك الترب والعين تسكب
  ٩٥ - وإذا وليت قوما ليلة ... فاعلم بأنك بعدها مسئول
  وإذا حملت إلى القبور جنازة ... فاعلم بأنك بعدها محمول
  ٩٦ - لا تَأْمَنِ الموتَ في طَرْف وفي نَفَس ... ولو تَمَنَعْتَ بالحُجَّابِ والحَرَس
  فما تزالُ سِهَامُ الموتِ نافذةً ... في جَنبِ مُدَّرعٍ منّا ومُتَّرس
  ما بالُ دينكَ تَرْضَى أن تُدَنِّسَهُ ... وثوبُك الدهر مَغسولٌ من الدَّنَس
  ترجو النَجاةَ ولم تَسْلُكْ مسَالِكَها ... إن السفينةَ لا تجرِي على يَبَس
  ٩٧ - ألا يا موت لم تقبل فداءً ... أتيت فما تحيف ولا تحابي
  ٩٨ - كأنك قد هجمت على مشيبي ... كما هجم المشيب على شبابي
  ٩٩ - الْمَوْت لَا شكّ آتٍ فاستعد لَهُ ... إِن اللبيب بِذكر الْمَوْت مَشْغُول
  فَكيف يلهو بعيش أَو يلذ بِهِ ... من التُّرَاب على عَيْنَيْهِ مجعول
  ١٠٠ - أيضحك من للْمَوْت فِيهِ نصيب ... وينعم عَيْشًا إِن ذَا لعجيب
  وَيَأْكُل وَالْأَيَّام تَأْكُل عمره ... وَلَيْسَ لَهُ جسم لذاك يذوب
  وَمن عرف الرَّحْمَن لم يهن قلبه ... نعيم وَلم يَنْفَكّ عَنهُ نحيب
  بَعدت عَن الْورْد الرضي بزلة ... وَبِي قطعت دون الْوُصُول ذنُوب
  ١٠١ - يحب الْفَتى طول الْبَقَاء وَإنَّهُ ... على ثِقَة أَن الْبَقَاء فنَاء
  زِيَادَته فِي الْجِسْم نقص حَيَاته ... وَلَيْسَ على نقص الْحَيَاة نَمَاء
  إِذا مَا طوى يَوْمًا طوى الْيَوْم بعضه ... ويطويه من بعد الصَّباح مسَاء
  جديدان لَا يبْقى الْجَمِيع عَلَيْهِمَا ... وَلَا لَهما بعد الْجَمِيع بَقَاء
  ١٠٢ - أرى الْمَرْء يبكي للَّذي مَاتَ قبله ... وَمَوْت الَّذِي يبكي عَلَيْهِ قريب
  وَمَا الْمَوْت إِلَّا فِي كتاب مُؤَجل ... إِلَى سَاعَة يدعى لَهُ فيجيب