رابعا: أشعار في الموت
  وما يعرفُ الإنسانُ أين وَفاتهُ ... أفي البرِّ أم في البحرِ أم بِفلاة
  فَيا إخوَتي مهما شَهِدتُم جَنَازَتي ... فقومُوا لربِّي وأسألُوه نَجاتِي
  وجُدُّوا ابتهالاً في الدُّعاءِ واخْلِصُوا ... لعل إلهي يَقْبَلُ الدَّعوات
  وقولاً جميلاً إن عَلِمتُم خِلافهُ ... وأَغْضُوا على ما كان من هَفوات
  ولا تَصفُوني بالذي أنا أهلُهُ ... فَأَشْقَى وحَلُّوني بِخيرِ صِفاتِي
  ولا تَتَناسَوني فَقدْمًا ذَكَرتكمُ ... وَوَاصَلْتكُم بالبرِّ طولَ حَيَاتِي
  وبالرَّغمِ فارقتُ الأحبَّةَ منكم ... ولما تُفارقني بكم زَفراتِي
  وإن كنت ميتًا بين أيديكُم لَقًا ... فروحِي حيٌّ سامعٌ لِنُعاتِي
  أناجيكم حيًّا وإن كنتَ صامتًا ... ألا كلكم يومًا إلىّ سَياتِي
  وليس يقومُ الجسمُ إلا بِرُوحِه ... هو القُطْبُ والأعضاءُ كالأدوات
  ولا بدَّ يومًا أن يَحُورَ بعينه ... ليُجزَى على الطَّاعاتِ والتَّبعات
  وإلاَّ أكُن أهلاً لفضل ورحمةٍ ... فربي أهلُ الفَضلِ والرَّحمات
  فما زِلتُ أرجُو عفوهُ وجِنانَهُ ... وَأَحمَدُه في اليُسرِ والأَزمات
  وأسجدُ تعظيمًا لهُ وتذللاً ... وأَعبُدُه في الجَهرِ والخَلوات
  وَلستُ بِمُمْتَنٍ عليه بِطَاعتِي ... لهُ المنُّ في التَّيسيرِ للحَسنات
  ١٣٤ - قِفْ بِالْقُبُورِ بِأَكْبَادٍ مُصَدَّعَةً ... وَدَمْعَةٍ مِنْ سَوَادِ الْقَلْبِ تَنْبَعِثُ
  وَسَلْ بِهَا عَنْ أُنَاسٍ طَالَمَا رَشَفُوا ... ثَغْرَ النَّعِيمِ وَمَا فِي ظِلِّهِ مَكَثُوا
  مَاذَا لَقُوا فِي خَبَايَاهَا وَمَا قَدِمُوا ... عَلَيْهِ فِيهَا وَمَا مِنْ أَجْلِهِ ارْتَبَثُوا
  وَعَنْ مَحَاسِنِهِمْ أَنْ كَانَ غَيَّرَهَا ... طُولُ الْمُقَامِ بِبَطْنِ الْأَرْضِ وَاللَّبَثُ
  وَمَا لَهُمْ حَشَرَاتُ الْأَرْضِ تَنْهَشُهُمْ ... نَهْشًا تَزُولُ لَهُ الْأَعْضَاءُ وَالنَّجَثُ
  وَتِلْكُمُ الْفَتَيَاتُ إِذْ طُرِحْنَ بِهَا ... هَلْ كَاَن فِيهِنَّ ذَا التَّغْيِيرُ وَالشِّعَثُ
  فَإِنْ يُجِبْكَ عَلَى لِأَيِّ مُجِيبْهُمُوا ... وَلَنْ يُجِيبَ وَأَنَّى يَنْطِقُ الْجَدَثُ
  فَانْظُرْ مَكَانَكَ فِي أَفْنَاءِ سَاحَتِهِمْ ... فَإِنَّهُ الْجِدُّ لَا هَزْلٌ وَلَا عَبَثُ
  ١٣٥ - خُلقْنَا لأِحْدَاث الليالي فَرائِسًا ... تُزَفُ إِلِى الأَجْدَاثِ مِنَّا عَرَائِسًا