العتبة المنبرية في الأدلة الخطابية،

عبد الله بن يحيى العجري (معاصر)

المقدمة

صفحة 9 - الجزء 1

  فأخذ بحمد الله ومنه علينا بأيدي الخلق من فوهات الضلال، وأخرجهم من دياجير الجهل إلى أنوار العلم والهداية، وقبض بحجزهم من شفا جرف الضياع والهلاك إلى بر الأمان واليمن، وخلصهم من شراك إبليس إلى صوح العدل والتوحيد، وأنقذهم من جحيم الحقد والعداوة إلى جنة المحبة والإخاء، وساقهم من منخفضات التدنس بمساوئ العادات السيئة إلى مرتفعات التنزه والكرامة، وكذا كما ذكره سيدي العلامة محمد بن عبدالله عوض - حفظه الله - مع وصفه لبعض صفاته الفذة التي بها حضي من الله بالإعانة والنصر، ومن الناس بالمودة والاقتناع:

  والنصرُ جاء وفتحُ ربِّك قد أتى ... والأرضُ تدعو والعذابُ تَهَيَّضَا

  أظهرْتَ نورَ الحقِّ بعد خُفُوتِهِ ... فالشمسُ جاءت والصَّبَاحُ تَيَقَّضَا

  بالسِّلْم لم يَبْلُغْ مَدَاكَ مُجَاهِدٌ ... ولقد يكون السِّلْمُ أصْدَقَ في الْمَضَا

  أَضْحَتْ سياستك الكريمةُ سُنَّةً ... لم ينتهجْها مَنْ مضى فيما مَضَا

  وصبَرْتَ مِنْ أجْلِ الإله ودينه ... صبرَ الحليمِ إذا تُجُوْهِلَ أَعْرَضَا

  أَوْ إِنْ تَنَقَّصَهُ اللئيمُ وسبَّهُ ... أبدى الطَّلاقَةَ والبشَاشَة والرِّضَا

  أَوْ إنْ بغى الباغي عليه وعَضَّهُ ... أغْضَى حياءً أنْ يَرُدَّ وأَغْمَضَا

  أخلصْتَ نفسك في مُصَانَعَةِ الورى ... إمَّا صديقاً أو عدواً مُعْرِضَا

  وخَفَفْتَ في نفْعِ العباد ونُصْحِهم ... لا لم يجد فيك التواني مَرْبضَا

  خُضْتَ البلادَ جبالَهَا وسهوْلَهَا ... ما زلتَ في مسعاك هذا ريِّضَا

  مَرَّتْ سنونٌ أنت أنت وقَدْ نَرى ... فيك الزيادة جَدَّ جِدّك فائضَا

  أحرَقْتَ ثوبَ الْكِبْر ثم نسفْتَهُ ... والله أبْدَلَكَ الوَقَارَ وعَوَّضَا

  خُلُقٌ كريمٌ مِنْ قديمٍ حُزْتَهُ ... غرسُ النبيِّ وزرْعُه قد رَوَّضَا

  حلمٌ وعلمٌ والتواضع والتُّقَى ... عفوٌ وإحسانٌ وزُهْدٌ والرِّضَا

  إنْ ناله عسرٌ وضيقٌ أو بلى ... أصغى إلى حُكْمِ الحكيم وفَوَّضَا