حلية اللب المصون بشرح الجوهر المكنون،

أحمد بن عبد المنعم الدمنهوري (المتوفى: 1192 هـ)

الباب الثاني: في المسند إليه

صفحة 107 - الجزء 1

  وإن كان غيرَ اسم الإشارة فالنكتة: المدد، أي: الزيادة بنكتة هي التمكين⁣(⁣١)، أي: زيادة تمكين المسند إليه وتقريره في نفس السامع، نحو: «جاء زيد وزيد فاضل»، ومنه: مثال المتن.

  و (الصمد): هو الذي يُصْمَدُ إليه ويُقصَدُ في الحوائج.

  أو الاستعطاف، أي: طلب العطف والرحمة، كقول الداعي: «إلهي، عبدك العاصي دعاك معترفا بذنبه، فتب عليه توبة تمحو الأغيار⁣(⁣٢) من قلبه»، ومقتضى الظاهر: «أنا العاصي».

  أو الإرهاب، أي: التخويف، نحو: {إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا}⁣[النساء ٥٨]، لم يقل: «أنا آمركم»؛ لأن في إظهار الاسم ترهيبًا⁣(⁣٣)، ومنه: مثال المتن، لم يقل: «أنا واقف» ترهيبًا بإظهار لفظ «الأمير».

  قال:

  وَمِنْ خِلافِ المُقتَضى صَرْفُ مُرادْ ... ذي نُطْقٍ اوْ سُؤْلٍ لِغَيْرِ ما أَرادْ

  لِكَوْنِهِ أَوْلى بِهِ وَأَجْدَرا ... كَقِصَّةِ الحَجَّاجِ وَالقَبَعْثَرى

  أقول: من خلاف مقتضى الظاهر: مجاوبة المتكلم بغير ما يترقب - وسماها عبد القاهر: المغالطة، والسكاكي: الأسلوب الحكيم - وذلك بحمل كلامه على خلاف قصده؛ تنبيهًا على أنه أولى بالقصد، من ذلك ما يحكى أن الحجاج توعَّدَ شاعرًا يقال له: القبعثرى بأن قال له: «لأحمِلَنَّك على الأدهم»، يعني القيد، فقال له القبعثرى: «مِثْلُ الأميرِ يحملُ على الأدهم والأشهب»، فحمل وعيده على


(١) في الأصل: التمكن.

(٢) أي: تزيل مشاهدتها بحيث يصير القلب لا يشاهد إلا الذات. مخلوف.

(٣) لأن لفظ «الله» الدال على الذات المتصفة بجميع المحامد التي من جملتها القهر والغلبة، دون الضمير الذي هو «أنا» - موجبٌ لتقويةِ الداعي على الامتثال، ولإدخالِ الروع؛ حيث دل لفظ «الله» على ما ذكر فيشعر بالخوف منه وأن يهلك العاصي بقهره. وكذا يقال في مثال المتن: دل لفظ «الأمير» على السلطان والقهر.