حلية اللب المصون بشرح الجوهر المكنون،

أحمد بن عبد المنعم الدمنهوري (المتوفى: 1192 هـ)

الباب الثاني: في المسند إليه

صفحة 108 - الجزء 1

  الوعد⁣(⁣١)، فقال له الحجاج: «إنه حَديد⁣(⁣٢)»، فقال القبعثرى: «لأن يكون حديدًا⁣(⁣٣) خير من أن يكون بليدًا».

  ومنها: إجابة السائل بغير ما سأل عنه؛ تنبيها على أنه⁣(⁣٤) اللائق بسؤاله، كقوله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ}⁣[البقرة ١٨٩]، سألوا عن الهلال لِمَ يبدو دقيقًا ثم يتزايد حتى يستوي ثم ينقص حتى يعود كما بدا؟ فأجيبوا ببيان حكمة ذلك، وهي: معرفة المواقيت، والحلول⁣(⁣٥)، والآجال، ومعالم الحج يعرف بها وقته؛ للتنبيه على أن اللائق السؤال عن الحكمة. قال السعد: لأنهم ليسوا ممن يطلعون بسهولة على دقائق علم الهيئة. قال السيوطي⁣(⁣٦) في شرح عقود الجمان: وهذه قلة أدب منه، وجهل بمقدار الصحابة ¤، وشنع عليه بكلام يراجعه من أراد الوقوف عليه، وذكر أنه ورد ما يدل على أن المسؤول عنه هو الحكمة في خلق الأهِلَّة، لا سبب الزيادة والنقصان، ونَصُّ السؤال: يا رسول الله، لِمَ خُلِقَتِ الأهِلَّة؟ فعلى هذا لا تكون المسألة من خلاف مقتضى الظاهر.

  وقوله: (سؤل) - على وزن «قُفْل» - لغة في السؤال.


(١) حيث حمل الأدهم في كلامه على الفرس الأدهم، أي: الذي غلب سواده حتى ذهب البياض، وضمَّ إليه الأشهب، أي: الذي غلب بياضه، ومراد الحجاج: القيد، فنبه على أن الحمل على الفرس الأدهم هو الأولى بأن يقصده الأمير. مخلوف

(٢) أي: إن الأدهم حديد لا فرس. مخلوف.

(٣) فيه أيضًا حمل الحديد في كلام الحجاج على خلاف مراده لأن مراد الحجاج المعدن المعروف، وحمله على ضد البليد من الحِدة. مخلوف.

(٤) أي: ذلك الغير. مخلوف.

(٥) أي: للدَّين والصوم ونحو ذلك، ويكون عطف الحلول على المواقيت من عطف الخاص على العام. مخلوف.

(٦) السيوطي هو: جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر محمد الخضري السيوطي، إمام، حافظ، مؤرخ، أديب، ولد في ٨٤٩ هـ ونشأ في القاهرة وتوفي في ٩١١ هـ، له مؤلفات كثيرة أهمها الإتقان في علوم القرآن، وتفسير الجلالين، وهو تفسير أتم فيه تفسير جلال الدين محلي فنسب إليهما وطبع، وجمع الجوامع، وعقود الجمان وشرحه.