حلية اللب المصون بشرح الجوهر المكنون،

أحمد بن عبد المنعم الدمنهوري (المتوفى: 1192 هـ)

[البحث الخامس: في تنكير المسند]

صفحة 121 - الجزء 1

  قال:

  وَكَوْنَهُ مُعَلَّقًا بِالشَّرْطِ ... فَلِمعاني أَدَواتِ الشَّرْط

  أقول: قد يقيد المسند بالشرط لتحصيل معنى أداته، نحو: «إن تكرمني أكرمك»، ففيه تقييدُ إكرام المتكلم بإكرام المخاطب المفادُ بـ «إن⁣(⁣١)»؛ لأن الشرط قيدٌ في الجزاء مع الإشعار بأنه سبب فيه. ولما دعت الحاجة إلى معاني أدوات الشرط تكلم عليها أهل المعاني وإن كانت من مباحث علم النحو، وأكثر ما وقع بحثهم على معاني: «إذا» و «إن» و «لو»، وبيان ذلك في الأصل وشرحه⁣(⁣٢).

[البحث الخامس: في تنكير المسند]

  قال:

  وَنَكَّروا إتْباعًا اوْ تفخيما ... حَطًّا وَفَقْدَ عَهْدٍ اوْ تعميما

  أقول: البحث الخامس في تنكير المسند، وأسباب تنكيره كثيرة:

  منها: إتباع المسند إليه في التنكير، نحو: «رجلٌ مِن الكرام حاضر»؛ إذ لا يكون المسند معرفة مع تنكير المسند إليه إلا في نحو⁣(⁣٣): «كم مالك؟».


(١) قوله: «المفاد بـ «إن» أي: المفاد للكلام بإن، أي: الذي أفاده الكلام بسببها. والمفاد بالرفع صفة لـ «تقييد». مخلوف.

(٢) حاصله أن «إن» و «إذا» للشرط في الاستقبال، لكن أصل «إن» عدم الجزم بوقوع الشرط، وأصل «إذا» الجزم بوقوعه، وقد تستعمل «إن» في مقام الجزم بوقوع الشرط؛ للتجاهل، أو لعدم جزم المخاطب بوقوع الشرط، أو لتنزيل المخاطب العالم بوقوع الشرط منزلة الجاهل، أو للتوبيخ، أو تغليب غير المتصف بالشرط على المتصف به، ولكون «إن» و «إذا» لتعليق حصول مضمون الجزاء بحصول مضمون الشرط في الاستقبال - كان كل من جملتي الشرط والجزاء فعلية استقبالية، ولا يخالف ذلك لفظا إلا لنكتة، كإبراز غير الحاصل في معرض الحاصل؛ لقوة الأسباب، أو التفاؤل، أو إظهار الرغبة في وقوع الشرط، أو للتعريض. و «لو» لتعليق مضمون الجزاء بحصول الشرط فرضا في الماضي مع القطع بانتفاء الشرط؛ فيلزم في جملتيها الفعلية الماضوية ولا يعدل عنها إلا لنكتة.

(٣) أي: من كل ما كان من باب الاستفهام فقد جوزوا فيه أن يكون «كم» مبتدأ وهو نكرة، و «مالك» خبر وهو معرفة. مخلوف.