الباب الخامس: القصر
  فقوله: (لقلب): صفة للإضافي، يعني: أن القصر الإضافي ينقسم إلى ثلاثة أقسام، ومثاله صالح لها(١).
  قال:
  وَأَدَوَاتُ الْقَصْرِ: «إِلَّا» «إِنَّمَا» ... عَطْفٌ وَتَقْدِيمٌ كَمَا تَقَدَّمَا
  أقول: للقصر طرق:
  منها: النفي والاستثناء بِـ «إلا» أو بغيرها(٢)، نحو: {إِنْ أَنتَ إِلَّا نَذِيرٌ}[فاطر ٢٣].
  ومنها: «إنما»؛ لتضمنها معنى ما قبلها(٣)، نحو: «إنما زيد عالم».
  ومنها: العطف(٤)، نحو: «جاء زيد لا عمرو».
(١) مثاله: كـ «إنما ترقى بالاستعداد». وقوله: «صالح لها»: [أي: للثلاثة] لأنَّ قصر الرقي على كونه بالاستعداد يحتمل أن يكون ردًّا على من اعتقد حصول الرقي بالاستعداد وبغيره؛ فيكون قصر إفراد، أو على مَن اعتقد حصول الرقي بغيره؛ فيكون قصر قلب، أو يكون لمن تردد بينه وبين غيره؛ فيكون قصر تعيين. مخلوف.
(٢) أي: غيرها من أدوات الاستثناء، مثل: «غير»، تقول: «ما زيد غير شاعر»، ونحو: «لا شاعر غير زيد». الإيضاح.
(٣) أي: وجه إفادة «إنما» القصر: تضمنها معنى «ما» و «إلا»، وقد استدلوا على ذلك بوجوه:
١ - قول المفسرين كابن عباس ومجاهد حيث قالوا: إن معنى {إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ}[البقرة ١٧٣]: ما حرم عليكم إلا الميتة.
٢ - قول النحويين: إن «إنما» لإثبات ما يذكر بعدها ونفي ما سواه، فهذا الكلام منهم يقتضي تضمنها لإثبات ونفي كـ «ما» و «إلا».
٣ - صحة انفصال الضمير بعدها فتقول: «إنما يسافر أنا»، والانفصال إنما يجوز عند تعذر الاتصال ولا تعذر هنا إلا بكون المعنى ما يسافر إلا أنا فيقع بين الضمير وعامله فصل لغرض وهو الحصر، فتعين كونها للحصر كـ «ما» و «إلا».
فائدة: المقصور عليه في النفي والاستثناء هو المستثنى، أي: الواقع بعد الأداة سواء تقدم أو تأخر، تقول: «ما جاء إلا زيد» فتقصر المجيء على زيد. والمقصور عليه بِـ «إنما» هو المؤخر دائمًا، تقول في قصر العلم على محمد: «إنما العالم محمد»، وفي قصره على العلم: «إنما محمد عالم». والمقصور عليه في التقديم هو المقدم.
(٤) أي: العطف بِـ «لا» و «بل» و «لكن». إلا أن «لكن» مختصة بقصر القلب، وقيل: إنها صالحة لكل أنواع القصر؛ لكن يشترط لدلالة «لا» على القصر أن يكون المعطوف بها مفردًا، وألا يتقدمها نفي أو نهي، وألا يكون ما بعدها داخلا في عموم ما قبلها. و «بل» و «لكن»: تفيدان القصر إذا وليهما مفرد وتقدمهما نفي أو نهي.