حلية اللب المصون بشرح الجوهر المكنون،

أحمد بن عبد المنعم الدمنهوري (المتوفى: 1192 هـ)

الباب السابع: الفصل والوصل

صفحة 143 - الجزء 1

  الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ}⁣[طه ١٢٠] ففصل جملة: {قَالَ} لأنها بمنزلة البدل المطابق من وسوس، والنكتة في الإبدال: لطافة المراد ودقته.

  أو منزلة بدل البعض نحو: {.. أَمَدَّكُم بِمَا تَعْلَمُونَ ١٣٢ أَمَدَّكُم بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ ١٣٣ وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ١٣٤}⁣[الشعراء] ففصل جملة: {أَمَدَّكُم} الثانية لأنها كبدل البعض؛ إذ مضمونها بعض ما يعلمون. والنكتة في إبدالها كون مضمونها⁣(⁣١) مطلوبًا في نفسه⁣(⁣٢).

  أو منزلة بدل الاشتمال، نحو [الطويل]:

  أقولُ لَهُ ارْحَلْ لَا تُقَيْمَنَّ عِندنا⁣(⁣٣)

  فـ (لا تقيمن): بدل من (ارحل) بدل اشتمال، والنكتة كالذي قبله⁣(⁣٤).

  وإنما وجب الفصل في التوكيد والإبدال لأن الوصل يقتضي التغاير، وليس موجودًا فيهما.

  ومنها: نية السؤال⁣(⁣٥)، أي: تقديره من الجملة السابقة، نحو: {وَلاَ تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُم مُّغْرَقُونَ}⁣[هود ٣٧]، فجملة النهي تقتضي سؤالا من شأن المنهي أن يسأل عنه فيقول: لم لا أخاطبك في شأنهم؟

  ووجب الفصل لصيرورة الجملة الثانية كالمقطوعة عما قبلها بسبب كونها جوابًا لذلك السؤال المقدر.


= لعطف البيان. قال اليعقوبي: ولم يعتبر بدل الكل في الجمل التي لا محل لها من الإعراب؛ لنه لا يفارق الجملة التأكيدية إلا باعتبار قصد نقل النسبة إلى مضمون الثانية في البدلية دون التأكيدية، وهذا المعنى لا يتحقق في الجمل التي لا محل لها من الإعراب؛ إذ لا نسبة تنقل.

(١) المناسب مضمون ما قبلها. أي: وما قبلها غير وافية به، وهي وافية؛ فأتي بها لتتميمه. مخلوف.

(٢) لأنه تذكير بالنعم لتشكر، وهو ذريعة لغيره كالإيمان والعمل بالطاعة. مخلوف.

(٣) عجزه:

وإلَّا فكُنْ في السَّرِّ والجهرِ مُسلِما

ذكر هذا البيت صاحب مفتاح العلوم دون نسبة، وكذا الجرجاني في الإشارات، وكذا صاحب مغني اللبيب.

(٤) وهي أن المقام مطلوب في نفسه لأنه لإظهار الكراهة لإقامة المخاطب والجملة الثانية أوفى بتأديته. مخلوف.

(٥) وهذه هو المسمى بشبه كمال الاتصال.