حلية اللب المصون بشرح الجوهر المكنون،

أحمد بن عبد المنعم الدمنهوري (المتوفى: 1192 هـ)

فصل: في الدلالة الوضعية

صفحة 155 - الجزء 1

  قال:

  الْبَابُ الأَوَّلُ: التَّشْبِيهُ

  تَشْبِيهُنَا دَلالَةٌ عَلَى اشْتِرَاكْ ... أَمْرَيْنِ فِي مَعْنًى بِآلَةٍ أَتَاكْ

  أَرْكَانُهُ أَرْبَعَةٌ: وَجْهٌ أَدَاهْ ... وَطَرَفَاهُ فَاتَّبِعْ سُبْلَ النَّجَاهْ

  أقول: التشبيه لغة: التمثيل. واصطلاحا: الدلالة على مشاركة أمرٍ لأمرٍ في معنى بآلة مخصوصة كـ «الكاف» ملفوظة أو مقدرة. فخرج⁣(⁣١) نحو: «جاء زيد وعمرو» و «قاتَلَ زيدٌ عمرًا»، والاستعارة التحقيقية، نحو: «رأيت أسدًا في الحمام»، والْمَكْنِيَّة، نحو: «أنشبتِ المنيةُ أظفارها»، والتجريد الآتي في البديع، نحو: «رأيت من زيد أسدا⁣(⁣٢)».

  ودخل: نحو: «زيد أسد» فإن المحققين على أنه تشبيه بليغ لا استعارة؛ لأن المستعار له مذكور، ولا تكون الاستعارة⁣(⁣٣) إلا حيث يطوى ذكره، ويجعل الكلام خاليا عنه.

  وأركانه أربعة: وجه، وأداة، و طرفان.

  نحو: «زيد كالأسد في الشجاعة»، فالوجه: المعنى الجامع بين زيد والأسد، وهو الشجاعة، والأداة: آلة وهي «الكاف». والطرفان: «زيد» و «الأسد»، وقد يقتصر على لفظهما⁣(⁣٤).

  قال:

  فَصْلٌ⁣(⁣٥) وَحِسِّيَّانِ مِنْهُ الطَّرَفَانْ ... أَيْضًا وَعَقْلِيَّانِ أَوْ مُخْتَلِفَانْ


(١) أي: خرج بقيد: «بآلة مخصوصة»؛ إذ ليست موجودة فيما ذكر. قوله: «نحو: جاء ... إلخ» أي: دلالة نحو: جاء ... الخ. مخلوف.

(٢) أصله: لقيت زيد المماثل للأسد، ثم بولغ في تشبيهه به حتى إنه جرد من زيد ذات الأسد وجعلت منتزعة منه. دسوقي.

(٣) أي: التصريحية التي ادُّعِيَ أن منها «زيد أسد». مخلوف.

(٤) فيكون تشبيها بليغا حذفت منه الأداة والوجه. مخلوف.

(٥) قوله: «فصل» هو من جملة البيت. وقوله: «أيضا» مقدم من تأخير، أي: وعقليان أيضا. مخلوف.