فصل: في الدلالة الوضعية
  ومنها: الاهتمام بالمشبه به، كتشبيه الجائع وجها كالبدر في الإشراق والاستدارة بالرغيف، ويسمى إظهار المطلوب.
  ومنها: التنويه(١) بالمشبه في إظهاره وشهرته، كتشبيه رجل خامل الذكر برجل مشهور بين الناس.
  ومنها: استطراف(٢) المشبه، أي: عَدُّهُ طريفًا حديثًا بديعًا، كما في تشبيه فحم فيه جمر موقَد ببحر من المسك مَوْجُهُ الذهب؛ لإبراز(٣) المشبه في صورة الممتنع عادة.
  ومنها: إيهام رجحان المشبه على المشبه به في وجه الشبه، وذلك في التشبيه المقلوب كقوله [الكامل]:
  وَبَدا الصَّبَاحُ كأنَّ غُرَّتَهُ ... وَجْهُ الخليفةِ حِينَ يُمْتَدَحُ(٤)
  ففيه إيهام أن وجه الخليفة أتم من الصباح في الوضوح والضياء. ومنه: مثال المتن: وهو الليث مثل الفاسق المصحوب، فالفاسق الصاحب مثل الأسد في عدم أمن غائلته وعوده على صاحبه بالضرر، ففيه إيهام أن الفاسق المصحوب أرجح من الليث في وجه الشبه(٥).
  قال:
  وَبِاعْتِبَارِ الطَّرَفَيْنِ يَنْقَسِمْ ... أَرْبَعَةً تَرْكِيبًا افْرَادًا عُلِمْ
  أقول: ينقسم التشبيه باعتبار الطرفين إلى أربعة أقسام:
  الأول: تشبيه مفرد بمفرد، كتشبيه الخد بالورد.
(١) قوله: «التنويه بالمشبه» أي: رفع ذكره، وقوله: «في إظهاره» أي: في حال إرادة إظهاره. مخلوف.
(٢) قوله: «استطراف» بالطاء المهملة. صبان. مخلوف.
(٣) قوله: «لإبراز» أي: إنما استطرف المشبه في هذا التشبيه لإبراز ... الخ. سعد. ووجه الشبه في المثال: هو الهيئة الحاصلة من وجود شيء مضطرب مائل إلى الحمرة في وسط شيء أسود. دسوقي.
(٤) البيت لأبي جعفر محمد بن وهيب الحميري يمتدح المأمون. انظر إشارات الجرجاني ص ١٩١ والإيضاح ص ٢١٤.
(٥) حيث جعل مشبها به، والمتبادر من أصل التشبيه أن المشبه به أقوى، وكذا يقال في المثال الأول.