فصل: في الدلالة الوضعية
  الثاني: تشبيه مفرد بمركب، كتشبيه الشقيق بأعلام ياقوت نشرن على رماح من زبرجد(١).
  الثالث: تشبيه مركب بمركب، بأن يكون في كل من الطرفين كيفية حاصلة من عدة أشياء قد تضامنت حتى عادت شيئا واحدا، كما في قوله [الطويل]:
  كأنَّ مُثَار النَّقْعِ فَوقَ رؤوسِنا ... وأسْيَافَنَا ليلٌ تَهَاوَى كَوَاكِبُهْ(٢)
  الرابع: تشبيه مركب بمفرد، كما في تشبيه نهار مشمس قد شابه زهر الرُّبَا بليل مقمر(٣)، فالمشبه مركب، والمشبه به مفرد(٤).
  قال:
  وَبِاعْتِبَارِ عَدَدٍ مَلْفُوفٍ اوْ ... مَفْرُوقٍ اوْ تَسْوِيَةٍ جَمْعٍ رَأَوْا
  أقول: ينقسم التشبيه باعتبار تعدد طرفيه:
  إلى ملفوف: وهو أن يؤتى أوَّلًا بالمشبهات على طريق العطف أو غيره(٥) ثم بالمشبه بها كذلك(٦)، كقوله في وصف العقاب بكثرة اصطياد الطيور [الطويل]:
(١) فالمشبه مفرد وهو الشقيق، والمشبه به مركب وهو الهيئة الحاصلة من مجموع الأعلام الياقوتية المنشورة على الرماح الزبرجدية، ووجه الشبه هو الهيئة الحاصلة من نشر أجرام مبسوطة على رؤوس أجرام خضر مستطيلة. مخلوف.
(٢) فالمشبه هو مجموع الغبار والسيوف فيه مضطربة، والمشبه به هو الليل والكواكب فيه تتساقط في جهات مختلفة، ووجه الشبه: الهيئة الحاصلة من سقوط أجرام مستطيلة منيرة متفرقة في أماكن مختلفة. والبيت للشاعر بشار بن برد في ديوانه ١/ ٣١٨ والإيضاح ص ٢٢٢. وأسيافنا: الواو بمعنى مع فأسيافنا مفعول معه والعامل فيه «مثار» لأن فيه معنى الفعل وحروفه.
(٣) في هذا إشارة إلى قول أبي تمام:
يا صاحبيَّ تقصيا نظريكما ... تريا وجوه الأرض كيف تُصَوَّرُ
تريا نهارًا مُشمسًا قد شابه ... زهر الربا فكأنما هو مقمرُ
(٤) لأنه شبه النهار المشمس الذي اختلط به زهر الربا فنَقَّصت باخضرارها ضوء الشمس حتى صارت تضرب إلى السواد - بالليل المقمر. انظر المطول ص ٥٥٢.
(٥) الذي بغير حرف العطف، نحو: الزيدان كالشمس والقمر، إذا أردت تشبيه كل واحد بواحد بقرينة. مخلوف.
(٦) أي: على طريق العطف - كما في البيت الآتي - أو غيره، كقولك: «زيد وعمرو كالقمرين». مخلوف.