فصل في الاستعارات
  ومنها: الأَوْلُ، نحو: {إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا}[يوسف ٣٦] أي: عصيرا يؤول إلى الخمر.
  وإما استعارة: وهو ما كانت العلاقة فيه المشابهة، كالأسد المستعمل في الرجل الشجاع في قولك: «رأيت أسدا في الحمام».
  ثم إن علاقات المجاز المرسل أكثر مما ذكره المتن، ومن أرادها فعليه بما كتبناه على «عصام الاستعارات».
  قال:
فَصْلٌ فِي الاسْتِعَارَاتِ
  وَالاسْتِعَارَةُ مَجَازٌ عُلْقَتُهْ ... تَشَابُهٌ كَأَسَدٍ شَجَاعَتُهْ(١)
  وَهْيَ مَجَازٌ لُغَةً عَلَى الأَصَحْ ... وَمُنِعَتْ فِي عَلَمٍ لِمَا اتَّضَحْ
  وَفَرْدًا أوْ مَعْدُودًا أوْ مُؤَلَّفَا ... مِنْهُ(٢) قَرِينَةٌ لَهَا قَدْ أُلِفَا
  أقول: الاستعارة: اللفظ المستعمل في غير ما وضع له لعلاقة المشابهة كالأسد المستعمل في الرجل الشجاع فقوله: (كأسد شجاعته) أي: كالأسد إذا أطلق على الرجل الشجاع، و (شجاعته) العلاقة بينهما، أي: علاقته شجاعته.
  والأصح أنها من المجاز اللغوي الذي هو استعمال اللفظ في غير ما وضع له. وقيل: من العقلي، بمعنى: أن التصرف في أمر عقلي لا لغوي؛ لأنها(٣) لما لم تطلق على المشبه إلا بعد ادعاء دخوله في جنس المشبه به كان استعمالها فيما وضعت له. ورَدَّهُ في الأصل(٤).
(١) بأن جعل الرجل الشجاع مثلا فردًا من أفراد الأسد.
(٢) قوله: «أو مؤلفا منه» أي: أو تكون القرينة مؤلفا منه، أي: من المعدود، أي: المتعدد.
(٣) قوله: «لأنها» أي: الاستعارة بمعنى الكلمة كلفظ أسد. وقوله: «على المشبه» أي: كالرجل الشجاع، فقوله: «لأنها ... إلخ» دليل لكونها ليست مجازا لغويا بل عقليا. دسوقي بتصرف.
(٤) عبارة الأصل مع السعد: (ورد) هذا الدليل (بأن ادعاء) أي: ادعاء دخول المشبه في جنس المشبه به (لا يقتضي كونها) أي: الاستعارة (مستعملة فيما وضعت له)؛ للعلم الضروري بأن أسدًا في قولنا: «رأيت أسدا يرمي» مستعمل في الرجل الشجاع، والموضوع له هو السبع المخصوص. وانظر بسط الكلام في المطول ص ٥٨٥.