الباب الثاني الحقيقة والمجاز
  أو تهكمية: بأن يكون المقصود التهكم والاستهزاء، بأن(١) يستعمل اللفظ في ضد معناه، نحو: «رأيت أسدًا» تريد جبانا، قاصدا التمليح والظرافة أو التهكم والسخرية.
  قال:
  وَبِاعْتِبَارِ جَامِعٍ قَرِيبَةْ ... كَـ «قَمَرٌ يَقْرَأُ» أَوْ غَرِيبَةْ
  وَبِاعْتِبَارِ جَامِعٍ وَطَرَفَيْنِ ... حِسًّا وَعَقْلاً سِتَّةٌ بِغَيْرِ مَيْن
  أقول: تنقسم الاستعارة باعتبار الجامع: إلى قريبة، وغريبة.
  فالأولى: ما كان الجامع فيها ظاهرا، نحو: «رأيت أسدا يرمي»، و «رأيت قمرًا يقرأ(٢)».
  والثانية: ما كان الجامع فيها خفيًّا لا يدركه إلا الخاصة، نحو [الكامل]:
  وإذا احْتَبَى قَرْبُوسُهُ(٣) بِعِنَانِهِ ... ................... البيت(٤)
  شبَّه هيئة وقوع العنان في موقعه من قربوس السرج ممتدا إلى جانبي فم الفرس بهيئة وقوع الثوب موقعه من ركبتي المحتبي ممتدا إلى جانبي ظهره ثم استعار الاحتباء - وهو أن يجمع الرجل ظهره وساقيه بثوب ونحوه - لوقوع
(١) قوله: «بأن يستعمل ... إلخ» تصوير للتمليحية والتهكمية. مخلوف.
(٢) فإن الجامع في المثال الأول الجرأة وهي ظاهره، وفي الثاني الجمال التام وهو ظاهر. مخلوف.
(٣) يحتمل أن «قربوسه» فاعل «احتبى» بتنزيل القربوس منزلة الرجل المحتبي، فكأَن القربوس ضم فم الفرس إليه بالعنان كما يضم الرجل ركبتيه إلى ظهره بثوب مثلا، ويحتمل أن يكون مفعول «احتبي» مضمنا معنى جمع، والفاعل على هذا ضمير عائد على الفرس، فكأنه يقول: وإذا جمع هذا الفرس قربوسه بعنانه إلى نفسه كما يضم المحتبي ركبتيه إليه، فعلى الأول ينزل خلف القربوس في هيئة التشبيه منزلة الظهر من المحتبي، وفم الفرس بمنزلة الركبتين، وعلى الثاني بالعكس، أي: ينزل القربوس في الهيئة منزلة الركبتين، وفم الفرس منزلة الظهر. دسوقي
(٤) عجزه:
عَلَكَ الشكيمَ إلى انصراف الزائر
والبيت منسوب إلى محمد بن يزيد بن مسلمة، انظر الكامل في اللغة ١/ ٣٥١.
مفردات البيت: القربوس - بالتحريك -: مقدم السرج. احتبى: يقال احتبى بثوبه، إذا أداره حول ظهره وركبتيه. والشكيمة: حديدة اللجام التي تكون في فم الفرس. علك: مضغ.