حلية اللب المصون بشرح الجوهر المكنون،

أحمد بن عبد المنعم الدمنهوري (المتوفى: 1192 هـ)

فصل في الموازنة

صفحة 215 - الجزء 1

  من شطري البيت سجعة⁣(⁣١) مخالفة لأختها، كقوله [البسيط]:

  تَدْبِيرُ مُعْتَصِمٍ بِاللهِ مُنْتَقِم ... للهِ مُرْتَغِبٍ في اللهِ مُرْتَقِبِ⁣(⁣٢)

  فإن سجع الشطر الأول مبني على الميم، والثاني على الباء.

  قال:

فَصْلٌ فِي الْمُوَازَنَةِ

  ثُمَّ الْمُوَازَنَةُ وَهْيَ التَّسْوِيَةْ ... لِفَاصِلٍ فِي الْوَزْنِ لا فِي التَّقْفِيَةْ

  وَهْيَ الْمُمَاثَلَةُ حَيْثُ يَتَّفِقْ ... فِي الْوَزْنِ لَفْظُ فَقْرَتَيْها فَاسْتَفِقْ

  وَالْقَلْبُ وَالتَّشْرِيعُ وَالْتِزَامُ مَا ... قَبْلَ الرَّوِيِّ ذِكْرُهُ لَنْ يَلْزَمَا

  أقول: من أنواع اللفظي: الموازنة، وهي تساوي الفاصلتين في الوزن دون التقفية، نحو: {وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ ١٥ وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ ١٦}⁣[الغاشية]، فإن كان ما في إحدى القرينتين من الألفاظ أو أكثره مثل ما يقابله من الأخرى في الوزن، خُصَّ باسم المماثلة⁣(⁣٣)، نحو: {وَآتَيْنَاهُمَا الْكِتَابَ الْمُسْتَبِينَ ١١٧ وَهَدَيْنَاهُمَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ١١٨}⁣[الصافات]، وقوله [الطويل]:

  مَهَا الوَحْشِ إلَّا أنَّ هَاتَا أَوَانِسٌ ... قَنَا الْخَطِّ إلَّا أنَّ تِلكَ ذَوَابِلُ⁣(⁣٤)

  ومنها: القلب، وهو أن يكون حروف الكلام على ترتيب بحيث لو افتتح من آخره إلى أوله لخرج النظم الأول بعينه، نحو: {كُلٌّ فِي فَلَكٍ}⁣[الأنبياء ٣٣] {وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ ٣}⁣[المدثر] فإنه يقرأ من آخره كما يقرأ من أوله⁣(⁣٥).


(١) قوله: «سجعة» في موضع المصدر، أي: مسجوعا سجعة، وليس مفعولا ثانيا لجعل؛ لأن الشطر نفسه ليس بسجعة.

(٢) البيت لأبي تمام. انظر علوم البلاغة للمراغي ص ٣٦٣، والبلاغة العربية لحبنكة ٢/ ٥٠٨.

(٣) أي: فيقال: هذه الموازنة مماثلة، فالمماثلة نوع من مطلق الموازنة، فهي بمنزلة الترصيع من السجع. دسوقي.

(٤) البيت لأبي تمام. انظر ديوانه ص ٢٤١ والإيضاح ص ٣٨٨.

(٥) ومثله:

موَدَّتُهُ تدومُ لكل هَولٍ ... وهل كلٌّ مودَّتُهُ تدومُ

=