حلية اللب المصون بشرح الجوهر المكنون،

أحمد بن عبد المنعم الدمنهوري (المتوفى: 1192 هـ)

السرقات

صفحة 217 - الجزء 1

  قال:

السَّرِقَاتُ

  وَأَخْذُ شَاعِرٍ كَلاماً سَبَقَهْ⁣(⁣١) ... هُوَ الَّذِي يَدْعُونَهُ بِالسَّرِقَةْ

  وَكُلُّ مَا قُرِّرَ فِي الأَلْبَابِ ... أَوْ عَادَةٍ فَلَيْسَ مِنْ ذَا الْبَاب

  أقول: السرقة: أن يأخذ الشاعر كلام شاعر تقدم عليه. واتفاق القائِلَينِ إنْ كان في الغرض على العموم كالوصف بالشجاعة والسخاء فلا يُدعى سرقة⁣(⁣٢)، ومثله وجه الدلالة⁣(⁣٣) المشترك في معرفته⁣(⁣٤)؛ لتقرر ذلك في العقول والعادات، وإن لم يشترك في معرفة وجه الدلالة جاز أن يدعى فيه السبقُ⁣(⁣٥) والزيادةُ⁣(⁣٦) بأن يحكم بين القائِلَينِ فيه بالتفاضل، بأن يقال: زاد أحدهما على الآخر أو نقص عنه، وهذا قسمان كما سيأتي.

  قال:

  وَالسَّرِقَاتُ عَنْدَهُمْ قِسْمَانِ: ... خَفِيَّةٌ جَلِيَّةٌ فَالثَّانِي

  تَضَمُّنُ الْمَعْنَى جَمِيعًا مُسْجَلا ... أَرْدَؤُهُ انْتِحَالُ مَا قَدْ نُقِلا

  بِحَالِهِ وَأَلْحَقُوا الْمُرَادِفَا ... بِهِ وَيُدْعَى مَا أَتَى مُخَالِفَا

  لِنَظْمِهِ إِغَارَةً وَحُمِدَا ... حَيْثُ مِنَ السَّابِقِ كَانَ أَجْوَدَا

  وَأَخْذُهُ الْمَعْنَى مُجَرَّدًا دُعِي ... سَلْخًا وَإِلْمَامًا وَتَقْسِيمًا فَع

  أقول: السرقة قسمان: خفية وجلية، أي: ظاهرة.


(١) أي: سبق هذا الكلام الشاعر، بمعنى: تقدم على نظمه الذي أُخِذ فيه. مخلوف.

(٢) لتقرر هذا الغرض العام في العقول، ويشترك فيه الفصيح والأعجم، والشاعر والمفحم. مطول.

(٣) أي: وجهُ الدلالة مثلُ الغرض العام في كون الاتفاق فيه لا يعد سرقة، ووجه الدلالة كالتشبيه، والمجاز، والكناية، وذكر هيئات تدل على الصفة لاختصاصها بمن ثبتت له تلك الصفة، كوصف الجواد بالتهلل عند ورود السائلين، والبخيل بالعبوس عند ذلك مع سعة المال.

(٤) نحو: تشبيه الشجاع بالأسد، والجواد بالبحر.

(٥) أي: فيحكم بأنه سرقة.

(٦) معطوف على «السبق».