التضمين والحل والعقد
  ويسمى تضمين البيت فأكثر: استعانة، وتضمين المصراع فما دونه: إيداعًا ورفوًا(١).
  قال:
  وَالْعَقْدُ نَظْمُ النَّثْرِ لا بِالاقْتِبَاسْ ... وَالْحَلُّ نَثْرُ النَّظْمِ فَاعْرِفِ الْقِيَاسْ
  وَاشْتَرَطُوا الشُّهْرَةَ فِي الْكَلامِ ... وَالْمَنْعُ أَصْلُ مَذْهَبِ الإِمَام
  أقول: العقد: هو نظم النثر لا على طريق الاقتباس(٢)، كقوله [السريع]:
  ما بَالُ مَنْ أوَّلُهُ نُطْفَةٌ ... وَجِيْفَةٌ آخِرُهُ يَفْخَرُ(٣)
  عقد(٤) قول علي ¥: (وما لابن آدم والفخر وإنما أوله نطفة وآخره جيفة).
  وأما الحل: فهو أن ينثر النظم، كقول بعض المغاربة: «فإنه لما قَبُحَتْ فِعْلَاتُهُ، وَحَنْظَلتْ نَخْلَاتُهُ، لم يَزَلْ سُوءُ الظَّنِ يَقْتَادُهُ، ويُصَدِّقُ تَوَهُّمَهُ الذي يَعْتَادُهُ(٥)» حلَّ قول أبي الطيب [الطويل]:
  إذا سَاءَ فِعْلُ الْمَرءِ سَاءَتْ ظُنُونُهُ ... وَصَدَّقَ مَا يَعْتَادُهُ مِنْ تَوَهُّمِ(٦)
= أقول لمعشرٍ غلطوا وغَضُّوا ... عن الشيخ الرشيدِ وأنكرُوه
هو ابن جلا وطلاع الثنايا ... متى يضع العمامةَ تعرفوه
فالبيت الثاني هو لسحيم بن وثيل وهو:
أنا ابنُ جَلَا وَطَلَّاعُ الثنايا ... متى أضَعِ العمامةَ تعرفوني
«أنا ابن جلا ..» على طريقة المتكلم فغيره إلى طريقة الغيبة ليدخل في المقصود.
(١) إيداعًا؛ لأنه أودع شعره شيئا قليلا من شعر الغير. ورفوًا؛ لأنه جعل شعر الغير مطمئنا في صحبة شعره، والرفو: جعل الغير مطمئنا. أطول. وقيل: لأنه رَفَا خرق شعره بشيء من شعر الغير.
(٢) يعني أن النثر إذا كان قرآنا أو حديثًا فإنما يكون عقدًا إذا غُيِّرَ تغييرا كثيرا أو أشير إلى أنه من القرآن أو الحديث، كقول الشاعر:
واستعمل الحلو واحفظ قول بارئنا ... سبحانه: «خلق الإنسان من عجل»
(٣) البيت لأبي العتاهية، انظر الإيضاح والمطول.
(٤) أي: أن أبا العتاهية نظم قول الإمام علي # في شعره.
(٥) قوله: «حنظلت نخلاته»: أي: صارت ثمار نخلاته كالحنظل في المرارة، ويقتاده: يقوده إلى تخيلات فاسدة وتوهمات باطلة، وتوهمه الذي يعتاده: أي: يعاوده ويراجعه فيعمل على مقتضى توهمه.
(٦) البيت للمتنبي، انظر الإيضاح ص ٤١٥ وعقود الجمان ٢/ ١٩١.