حلية اللب المصون بشرح الجوهر المكنون،

أحمد بن عبد المنعم الدمنهوري (المتوفى: 1192 هـ)

تذنيب في ألقاب من الفن

صفحة 228 - الجزء 1

  وكقولك لشخص تعجل السيادة والتصدر قبل أوانهما: «لا تَعجَل تُحرَم»، تشير إلى قولهم: «من تعجل شيئا قبل أوانه عوقب بحرمانه».

  قال:

تَذْنِيبٌ فِي أَلْقَابٍ مِنَ الْفَنِّ

  مِنْ ذَلِكَ التَّوْشِيعُ وَالتَّرْدِيدُ ... تَرْتِيبٌ اخْتِرَاعٌ أَوْ تَعْدِيدُ

  كَالتَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونْ ... السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونْ

  أقول: التذنيب: جعل الشيء ذنابة للشيء وتكميلا له. والألقاب: الأسماء.

  وما ذكره هنا:

  منه ما يرجع للضرب المعنوي⁣(⁣١) من البديع، ومنه ما يرجع إلى اللفظي.

  من ذلك: التوشيع⁣(⁣٢)، وهو ذكر شيء في عجز الكلام مفسرًا بمتعاطفين، كقوله عليه الصلاة والسلام: «يشيب ابن آدم ويشبُّ معه خصلتان: الحرص وطول الأمل».

  ومنه: الترديد⁣(⁣٣)، وهو تعليق الكلمة في الفقرة أو المصراع بمعنيين، نحو: {حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللّهِ اللّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَاتِهِ}⁣[الأنعام ١٢٤].

  وكقوله [البسيط]:

  صهباءُ لا تَنزلُ الأحزانُ ساحَتَها ... إن مَسَّها حَجَرٌ مسَّتْهُ سَرَّاءُ⁣(⁣٤)


= أغثني بشربة ماء، فأجهز عليه، فقيل: «المستجير بعمرو ... الخ. وهو للتكلام الضبعي.

(١) كالتوشيع والترديد والترتيب والاختراع. وقوله: «ومنه ... إلخ» كالتعديد. مخلوف.

(٢) التوشيع: لف القطن بعد الندف. صحاح.

(٣) الترديد: هو أن يعلق المتكلم لفظة من الكلام بمعنى ثم يردها بعينها ويعلقها بمعنى آخر، ففي قوله تعالى: {حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللّهِ اللّهُ أَعْلَمُ} ربط لفظ الجلالة أولًا بـ «رسل» وثانيًا بـ «أعلم».

(٤) البيت لأبي نواس من قصيدة مطلعها:

دع عنك لومي فإن اللوم إغراء ... وداوني بالتي كانت هي الداء

انظر ديوان أبي نواس.

والشاهد في قوله: «إن مسها ... مسته» ويسمى هذا النوع ترديد الجُمل. فعلق المس أولا بالحجر، ثم علقه ثانيا بالسراء، ولك أن تقول: علق أولا المس بالصهباء، ثم علقه ثانيا بالحجر، والأول منظور فيه =