حلية اللب المصون بشرح الجوهر المكنون،

أحمد بن عبد المنعم الدمنهوري (المتوفى: 1192 هـ)

تذنيب في ألقاب من الفن

صفحة 229 - الجزء 1

  ومنه: الترتيب، وهو ترتيب شيء على آخر⁣(⁣١) لنكتة، نحو: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنكَ وَمِن نُّوحٍ}⁣[الأحزاب ٧].

  ومنه: الاختراع، وهو الإتيان بتركيب لم يسبق إليه، مثل: {وَلَمَّا سُقِطَ فَي أَيْدِيهِمْ}⁣[الأعراف ١٤٩] لم يسمع قبل نزوله في القرآن.

  ومنه: التعديد، وهو سوق المفردات دون عطف، كَـ: (التائبون العابدون الحامدون السائحون) البيت وكحديث الأسماء الحسنى⁣(⁣٢).

  قال:

  تَطْرِيزٌ اوْ تَدْبِيجٌ اسْتِشْهَادُ ... إِيضَاحٌ ائْتِلافٌ اسْتِطْرَادُ

  أقول: التطريز: اشتمال الصدر على جزأين: مخبر عنه ومتعلِّقه، والعجز على الخبر مقيدًا بمثله، كقوله: «التسبيح في الصلاة نور على نور».

  والتدبيج: أن يكون للكلام في معرض مدح أو غيره لونان فصاعدًا؛ لقصد الكناية أو التورية. كقوله [الطويل]:

  تَرَدَّى ثيابَ الموتِ حُمْرًا فما أتَى ... لها الليلُ إلَّا وَهْيَ مِن سُنْدُسٍ خُضِْر⁣(⁣٣)

  أراد⁣(⁣٤) الثياب الملطخة بالدم فما أتى عليها الليل إلا وقد صارت من ثياب الجنة، وكنى بالأول: عن القتل، وبالثاني: عن دخول الجنة.


= لعمدية المعلق به، والثاني لقربه. والصهباء: اسم للخمر. مخلوف.

(١) أي: جعل مرتبته في الذكر قبل الآخر كما يدل له قول المصنف: وهو تقديم شيء ... الخ، خلافا لما يتبادر من عبارة الشارح من أن المعنى جعل شيء متوقفا على آخر؛ إذ لا يظهر هنا، تأمل. وقوله: «لنكتة» كإفادة أفضلية المقدم في الآية. مخلوف.

(٢) نصه: «إن لله تسعا وتسعين اسما من أحصاها دخل الجنة، هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس». مخلوف.

(٣) البيت لأبي تمام في رثاء الطوسي، انظر الإيضاح.

(٤) عبارة السعد: يعني ارتدى الثياب وهذا مثال لتدبيج الكناية. ومثال تدبيج التورية قول الحريري: فمذ اغبر العيش الأخضر، وازور المحبوب الأصفر، اسود يومي الأبيض، وابيض فَوْدي الأسود، حتى رثى لي العدو الأزرق، فيا حبذا الموت الأحمر. فالمعنى القريب للمحبوب الأصفر هو الإنسان الذي له صفرة، والبعيد هو الذهب، وهو المراد، فيكون تورية. وجعله السعد من الطباق.