[تقديم الشارح]
  منها فلا تأس عليه حزنًا، وليكن همك فيما بعد الموت). ¥.
  قال:
  ثُمَّ على بقيةِ الصحابة ... ذوِي التُّقَى والفضلِ والإنابة
  والمجدِ والفُرصَةِ والبَراعة ... والحزمِ والنجدةِ والشجاعة
  ما عَكفَ القلبُ على القرآنِ ... مرتَقيًا لِحَضْرَةِ العِرْفَان
  أقول: (التُّقى) من قولهم: وقاه فاتقى. والوقاية: الحفظ. والمتقي: من يقي نفسه، أي: يحفظها عما يضرها في الآخرة. وللتقوى مراتب:
  الأولى: التوقي عن العذاب الأبدي، وهي حاصلة بعدم الشرك بالله تعالى.
  والثانية: التنزه عن كلِّ مأثمٍ فعلا أو تركا.
  والثالثة: التنزه عما يشغل السر من الأكوان(١) عن الحق ﷻ. وهذا القسم مطلوب للمولى من عبيده بقوله: {اتَّقُوا اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ}[آل عمران ١٠٢]؛ لأنه تعالى لا يُقبِل(٢) على القلب المشترك.
  و (الفضل): الزيادة في الخير. و (الإنابة): الرجوع إليه سبحانه وتعالى. و (المجد): الكرم. و (الفرصة): من قولهم: فرصت الرجل وأفرصته، إذا أعطيته فهي، بمعنى: العطية. و (البراعة): من: بَرَُع الرجل - بالفتح والضم - براعةً، إذا فاق أصحابه في العلم وغيره. و (الحزم): ضبط الأمر بالإتقان وحسن التدبير. و (النجدة): الإعانة بسرعة، وتطلق على الشجاعة. فعطف ما بعدها على هذا عطف مرادف ومغاير على الأول. و (الشجاعة): شدة القلب عند البأس. والعكوف: الإقامة. و (القرآن): يطلق على الصفة القديمة، وليس مرادا هنا، وعلى النظم المعجز الدالِّ على متعلق(٣) الصفة القديمة، لا عليها نفسها على التحقيق، خلافا لظاهر عبارات
(١) جمع «كَوْن»، والمراد هنا: الموجود. مخلوف.
(٢) قوله: «لأن الله تعالى لا يقبل ... إلخ» تعليل لمحذوف بعد قوله: «مطلوب ... إلخ»، أي: ولا يحصل إقباله تعالى على قلب عبده إلا به؛ لأنه ... الخ. مخلوف.
(٣) قوله: «على متعلق ... إلخ» أي: من أمر ونهي وغيرها. مخلوف.