[فصاحة المفرد]
  وأما البلاغة فيوصف بها المتكلم والكلام فقط، فيقال: «كلام بليغ»، و «متكلم بليغ»، ولا يقال: «كلمة بليغة».
  وذكر المصنف فصاحة الكلمة، وهي مقصودُهُ بِـ (المفرد) في هذا البيت، فذكر أنها عبارة عن خلوصه من ثلاثة أمور:
  الأول: التنافر، وهو: وصف في الكلمة يوجب ثقلها على اللسان، وعسر النطق بها.
  فمنه ما تكون الكلمة بسببه متناهية في الثقل(١)، كَـ: «الهُعْخُعِ» - بضم الهاء والخاء المعجمة وسكون العين المهملة الأولى - من قول أعرابي وقد سئل عن ناقته، فقال: «تركتها ترعى الهعخع»، والهاء والعين لا يكادان يجتمعان من غير فصل، وهو شَجَرٌ مستحدث، قيل: ولا أصل له في كلامهم، وإنما هو: «الخُعخع» بخاءين معجمتين.
  ومنه: ما دون ذلك كَـ: «مُسْتَشْزِرَاتٍ» من قول امرئ القيس(٢) [الطويل]:
  غَدَائِرُهُ مُسْتَشْزِرَاتٍ إلى العُلى
  أي: ذوائبه، جمع غديرة، والضمير للفرع قبله(٣). والفرع: الشَّعَر التام، ومستشزرات، أي: مرتفعات إن قرئ بكسر الزاي، أو مرفوعات إن قرئ بفتحها.
(١) قال الإمام يحيى بن حمزة # في الطراز: «فنقول: قد بان من حسن تصرف واضع اللغة امتناعه من الجمع بين العين والحاء، وبين العين والخاء، ومن الجمع بين الجيم والصاد، وبين الجيم والقاف، وبين الذال والزاي وما ذاك إلا لما يحصل من تأليف هذه من البشاعة والثقل على الألسنة. انظر الطراز ص ٥٩ الطبعة الأولى تحقيق د. عبد الحميد هنداوي.
(٢) البيت من معلقته، وهو في شرح المعلقات السبع للزوزني ص ٣٣، وعجز البيت:
تَضِلُّ العِقاصُ في مُثَنَّى ومُرْسَل
والغدائر: جمع غديرة، وهي الخصلة من الشَّعر.
(٣) وهو قوله:
وفَرعٍ يَزِيْنُ المتنَ أسوَدَ فاحمٍ ... أثِيْثٍ كَقِنْوِ النخلةِ المُتَعَثْكِل