[فصاحة المفرد]
  وضابط التنافر: كلُّ ما عدَّهُ الذوقُ السليم الصحيح ثقيلًا متعسرَ النطق، سواء كان من قُرْبِ المخارج، أو بُعْدِها، أو غير ذلك(١).
  الثاني: الغرابة، وهي: كون الكلمة وَحْشِيَّةً غير ظاهرة المعنى(٢)، ولا مألوفة الاستعمال(٣)، فتحتاج معرفتها إلى تفتيشٍ عنها في كتب اللغة المبسوطة - كما روي عن بعضهم(٤) أنه سقط عن حماره فاجتمع عليه ناس، فقال: «ما لكم تكأكأتم عليَّ كتَكَأْكُئِكُمْ على ذِي جِنَّة، افْرَنْقِعُوا عنِّي» أي: اجتمعتم، تَنَحَّوا عني - أو تخريجٍ لها على معنى بعيد، نحو: «مُسْرَّج» في قول العَجَّاج [الرجز]:
  وفاحِمًا ومَرْسِنًا مُسَرَّجا(٥)
  فإنه لم يُعرف ما أراد بقوله: «مسرجا» حتى اختلف في تخريجه:
  فقيل: هو من قولهم في السيوف: سريجية، منسوبة إلى قَيْنٍ - أي: حداد - يقال له: سريج، يريد أنه في الدقة والاستواء كالسيف السريجي.
  وقيل: من السراج، يريد أنه(٦) في البريق واللمعان كالسراج، وهذا يقرب من قولهم: سرج الله وجهه، أي: بَهَّجَهُ وحسنه.
  وفاحماً - أي: شعرًا أسودَ كالفحم - معطوفٌ على منصوب قبله.
(١) أي: كوقوع حرف بين حرفين مضاد لكل واحد منهما بصفة، كوقوع الشين بين التاء والزاي في «مستشزرات».
(٢) المراد بالمعنى هنا: المعنى الذي وضع له اللفظ، فلا يرد المجمل؛ لأن المعنى الذي وضع له المجمل في لغة العرب معلوم، فالإجمال وعدم الظهور فيه حصل لا من جهة أصل المعنى الذي وضع له، وإنما حصل من جهة ما المراد بهذا اللفظ؟
(٣) يعني غير مألوفة الاستعمال في لغة العرب العرباء.
(٤) هو أبو سلمان عيسى بن عمر النحوي من أئمة اللغة ومن شيوخ سيبويه والخليل (ت ٧٦٦ هـ).
(٥) صدره:
ومُقْلَةً وحاجِبًا مُزَجَّجَا
انظر ديوان العجاج ٢/ ٣٤ ولسان العرب مادة «سرج» و «رسن».
(٦) أي: الأنف.