حلية اللب المصون بشرح الجوهر المكنون،

أحمد بن عبد المنعم الدمنهوري (المتوفى: 1192 هـ)

[حد الصدق والكذب]

صفحة 58 - الجزء 1

  القول داخل في الكذب⁣(⁣١)، لا واسطة.

  الثالث - وهو للجاحظ⁣(⁣٢) -: أن الصدق: المطابقة للخارج مع اعتقاد المخبِر المطابقة، والكذب: عدم المطابقة للواقع مع اعتقاد عدمها، وما عدا ذلك ليس بصدق ولا كذب، أي: واسطة بينهما، وهو أربع صور:

  · المطابق ولا اعتقاد لشيء⁣(⁣٣).

  · والمطابق مع اعتقاد عدم المطابقة.

  · وغير المطابق مع اعتقاد المطابقة.

  · وغيره⁣(⁣٤) ولا اعتقاد.

  القول الرابع: للراغب وهو مثل قول الجاحظ، غير أنه وصف الأربع صور بالصدق والكذب باعتبارين: فالصدق باعتبار المطابقة للخارج أو للاعتقاد، والكذب من حيث انتفاء المطابقة للخارج أو للاعتقاد.

  واستدل النظام بقوله تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ}⁣[المنافقون ١]، أي: في قولهم: {إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ}؛ لعدم مطابقته لاعتقادهم.

  ورُدَّ استدلاله بأن المراد: لكاذبون في الشهادة، أي: في ادعائهم مواطأة⁣(⁣٥) القلب للسان؛ لتضمن قولهم: {إِنَّكَ ..} الخ: شهادتنا من صميم القلب، وهذا كذبٌ⁣(⁣٦).


(١) أي: أن النظام لا يثبت واسطة بين الصدق والكذب فاعترض عليه بخبر الشاك؛ لعدم صدق حد الصدق والكذب عليه؛ وذلك لأنه لا اعتقاد له حتى يطابقه حكم الخبر أو لا يطابقه؛ فلزم ثبوت الواسطة. فأجيب بأنه كاذب؛ لأن الشاك لما كان لا اعتقاد له صدق على خبره أنه غير مطابق للاعتقاد.

(٢) هو عمرو بن بحر بن محبوب الكناني من معتزلة البصرة.

(٣) من مطابقة أو عدمها. مخلوف.

(٤) أي: غير المطابق.

(٥) أي: موافقة القلب.

(٦) فالتكذيب راجع إلى قولهم: «نشهد إنك لرسول الله ..» باعتبار تضمنه خبرًا كاذبًا غير مطابق للواقع، وهو شهادتنا هذه من صميم القلب.