الباب الأول: أحوال الإسناد الخبري
  يضرنا اقتصاره على التمثيل بالنسبة الإسنادية؛ لإتيانه بالكاف التي لا تفيد الحصر.
  وقوله: (أقسامه) الخ: يعني أن المجاز ينقسم إلى أربعة أقسام باعتبار طرفيه(١)؛ لأنهما إما حقيقتان لغويتان، أو مجازان، أو المسند إليه حقيقة والمسند مجاز، أو عكسه.
  مثال الأول: «أنبت الربيع البقل». ومثال الثاني: «أحيا الأرض شباب الزمان»؛ لأن المراد بإحيائها: نضارتها بأنواع الرياحين والنبات، والإحياء في الحقيقة إعطاء الحياة، وهي(٢) صفة تقتضي الحس والحركة. وكذلك المراد بشباب الزمان: زمان ازدياد قواها النامية، وهو في الحقيقة(٣) عبارة عن كون الحيوان في زمان تكون حرارته الغريزية مشبوبة، أي: قوية مشتعلة.
  ومثال الثالث: «أحيا الأرض الربيع». ومثال الرابع: «أنبت البقل شباب الزمان».
  ومراد المصنف بالنوعين: الحقيقة والمجاز، وبالجزأين: المسند إليه والمسند.
  واختلف في المجاز العقلي، وفي المفرد: هل وقعا في القرآن أم لا؟
  فذهب قوم إلى الأول، وآخرون إلى الثاني، والصحيح الأول، وهو مختار الأصل، قال تعالى: {وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ}[الأنفال ٢]، {يُذَبِّحُ أَبْنَاءهُمْ}[القصص ٤]، {يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا}[المزمل ١٧].
  ويكون في الإنشاء، كقوله تعالى: {يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا}[غافر ٣٦]، و: «لينبت الربيع ما شاء»، و: «ليصم نهارك»، ونحو ذلك.
  قال:
  وَوَجَبَتْ قرينةٌ لفظيَّةْ ... أَوْ معنَوِيَّةٌ وَإِنْ عادِيَّةْ
  أقول: المجاز العقلي لابد له من قرينة، وهي: ما دل على المراد لا بالوضع(٤)، وهي:
(١) أي: المسند والمسند إليه.
(٢) أي: الحياة تقتضي الحس - أي: الإحساس بمعنى الإدراك بالحواس الخمس الظاهرة - والحركة، أي: الإرادية.
(٣) أي: في اللغة. دسوقي
(٤) أي: بل بطريق الإشارة إليه إن كانت القرينة لفظية، أو بواسطة العقل أو العادة إن كانت عقلية أو عادية. مخلوف.