حلية اللب المصون بشرح الجوهر المكنون،

أحمد بن عبد المنعم الدمنهوري (المتوفى: 1192 هـ)

الباب الأول: أحوال الإسناد الخبري

صفحة 72 - الجزء 1

  يضرنا اقتصاره على التمثيل بالنسبة الإسنادية؛ لإتيانه بالكاف التي لا تفيد الحصر.

  وقوله: (أقسامه) الخ: يعني أن المجاز ينقسم إلى أربعة أقسام باعتبار طرفيه⁣(⁣١)؛ لأنهما إما حقيقتان لغويتان، أو مجازان، أو المسند إليه حقيقة والمسند مجاز، أو عكسه.

  مثال الأول: «أنبت الربيع البقل». ومثال الثاني: «أحيا الأرض شباب الزمان»؛ لأن المراد بإحيائها: نضارتها بأنواع الرياحين والنبات، والإحياء في الحقيقة إعطاء الحياة، وهي⁣(⁣٢) صفة تقتضي الحس والحركة. وكذلك المراد بشباب الزمان: زمان ازدياد قواها النامية، وهو في الحقيقة⁣(⁣٣) عبارة عن كون الحيوان في زمان تكون حرارته الغريزية مشبوبة، أي: قوية مشتعلة.

  ومثال الثالث: «أحيا الأرض الربيع». ومثال الرابع: «أنبت البقل شباب الزمان».

  ومراد المصنف بالنوعين: الحقيقة والمجاز، وبالجزأين: المسند إليه والمسند.

  واختلف في المجاز العقلي، وفي المفرد: هل وقعا في القرآن أم لا؟

  فذهب قوم إلى الأول، وآخرون إلى الثاني، والصحيح الأول، وهو مختار الأصل، قال تعالى: {وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ}⁣[الأنفال ٢]، {يُذَبِّحُ أَبْنَاءهُمْ}⁣[القصص ٤]، {يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا}⁣[المزمل ١٧].

  ويكون في الإنشاء، كقوله تعالى: {يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا}⁣[غافر ٣٦]، و: «لينبت الربيع ما شاء»، و: «ليصم نهارك»، ونحو ذلك.

  قال:

  وَوَجَبَتْ قرينةٌ لفظيَّةْ ... أَوْ معنَوِيَّةٌ وَإِنْ عادِيَّةْ

  أقول: المجاز العقلي لابد له من قرينة، وهي: ما دل على المراد لا بالوضع⁣(⁣٤)، وهي:


(١) أي: المسند والمسند إليه.

(٢) أي: الحياة تقتضي الحس - أي: الإحساس بمعنى الإدراك بالحواس الخمس الظاهرة - والحركة، أي: الإرادية.

(٣) أي: في اللغة. دسوقي

(٤) أي: بل بطريق الإشارة إليه إن كانت القرينة لفظية، أو بواسطة العقل أو العادة إن كانت عقلية أو عادية. مخلوف.