حلية اللب المصون بشرح الجوهر المكنون،

أحمد بن عبد المنعم الدمنهوري (المتوفى: 1192 هـ)

[البحث الأول: في حذف المسند إليه]

صفحة 75 - الجزء 1

  قال:

الباب الثاني: في المسند إليه

  أي: بيان أحوال المسند إليه، أي الأمور العارضة له من حيث إنه مسند إليه⁣(⁣١): كالحذف والذكر والتعريف والتنكير وغير ذلك. وقدمه على المسند لأنه كالموصوف والمسند كالصفة، والموصوف أجدر بالتقديم؛ لأنه الموضوع، والصفة هي المحمول، والأول أشرف من الثاني، ولأنه الركن الأعظم في الكلام.

[البحث الأول: في حذف المسند إليه]

  قال:

  يُحْذَفُ لِلْعِلْمِ وَلاخْتِبارِ ... مُسْتَمِعٍ وَصِحَّةِ الإِنْكارِ

  سَتْرٍ وَضِيقِ فُرْصَةٍ إِجْلالِ ... وعَكْسِهِ وَنَظْمٍ اسْتِعْمالِ

  كَـ «حبذا طريقةُ الصوفيَّةْ ... تهدي إلى المرتَبَةِ العليَّةْ»

  أقول: قدم حذف المسند إليه على سائر أحواله لكون الحذف عبارة عن عدم الإتيان به، وعدم الحادث سابق على وجوده⁣(⁣٢).

  وفي المسند إليه باعتبار أحواله أبحاث:

  البحث الأول: في حذفه، وحذفه يتوقف على أمرين: أحدهما: قابلية المقام له، بأن يكون السامع عارفًا به⁣(⁣٣) بقرينة.

  ثانيهما: ما يقتضي رجحان الحذف على الذكر⁣(⁣٤).


(١) احترز بذلك عن الأمور العارضة له لا من هذه الحيثية ككونه حقيقة أو مجازا فإنهما عارضان له من حيث الوضع، وككونه كليا أو جزئيا فإنهما عارضان له من حيث كونه لفظا، وككونه جوهرا أو عرضا فإنهما عارضان له من حيث ذاته، وككونه ثلاثيا أو رباعيا مثلا فإن ذلك عارض له من حيث عدد حروفه، فلا تذكر هذه العوارض في هذا المبحث. دسوقي.

(٢) أي: فالحذف مقدم على الذكر.

(٣) أي: بالمحذوف.

(٤) أي: وجود مقتضيات ودواعٍ بلاغية ترجح حذف المسند إليه على ذكره.