الباب الثاني: في المسند إليه
  فضمير {هُوَ} راجع للعدل المفهوم من: {اعْدِلُوا}، أو قرينةِ حالٍ(١)، نحو: {حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ}[ص ٣٢]، فسياق الكلام الدال على فوات وقت الصلاة مع قرينة ذكر العشي والتواري بالحجاب - يدل على أن الضمير راجع للشمس.
  وإما حكمًا(٢)، نحو ضمير الشأن وضمير رُبَّ، نحو: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}[الإخلاص ١]، و «رُبَّهُ رجلا».
  وأصل الخطاب أن يكون لمعين واحدًا كان أو أكثر؛ لأن وضع المعارف على أن تستعمل لمعين، وقد لا يقصد به معين؛ ليعم كل مخاطب على سبيل البدل، نحو: «فلان لئيم، إن أكرمته أهانك، وإن أحسنت إليه أساء إليك»، لا تريد به مخاطبًا بعينه، بل تريد إن أُكرِم أو أُحسِن إليه. ومنه: قوله تعالى: {وَلَوْ تَرَىَ إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ}[الأنعام ٢٧]، ونحوه(٣)، أخرج على صورة الخطاب ليعم؛ إذ المراد: أن حالهم تناهت في الظهور(٤) بحيث لا تختص برَاءٍ دون آخر، فلا يختص بالخطاب مخاطب دون مخاطب، بل كل من تتأتى منه الرؤية فله مدخل(٥) فيه.
  فإن قلت: إن هذا مشكل من جهة أنه يزيل اختصاص الضمير ويجعله شائعًا، فيكون نكرة، والضمير لا يكون إلا معرفة.
  فالجواب: أنه جمع بين الحقيقة والمجاز، فخوطب الجميع ليكون الخطاب لواحد حقيقة، ولغيره مجازًا، ولا يضرنا عدم التعين(٦) في الخارج؛ لأن التعين مطلق.
(١) قوله: «أو قرينة حال» عطف على «لفظ»، وإضافة «قرينة» إلى «حال» بيانية. مخلوف.
(٢) فالمرجع متأخر لكنه في حكم المتقدم؛ لأن وضع الضمير أن يرجع لمتقدم، فإن أخر لغرض التفصيل بعد الإجمال كان في حكم المتقدم. دسوقي.
(٣) نحو قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ}[الفيل ١]، وقوله تعالى: {وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ}[السجدة ١٢]، فيحتمل أن يكون الخطاب للرسول ÷ ويحتمل أن يكون على جهة العموم من غير تعيين، ويكون المعنى: أن حال أصحاب الفيل وحال المجرمين قد بلغا مبلغًا عظيمًا في الظهور بحيث لا يختص به مخاطب؛ لبلوغهما في الانكشاف كل غاية. الطراز للإمام يحيى بن حمزة #.
(٤) قوله: «تناهت في الظهور» أي: لأهل المحشر.
(٥) أي: حظ ونصيب. مخلوف.
(٦) قوله: «عدم التعين» أي: تعين مدلول الضمير. وقوله: «لأن التعين مطلق» أي: عن التقييد بالخارج. =