الباب الثاني: في المسند إليه
  ومنها: الاعتناء بشأنه: إما لترغيبٍ، أو تحذيرٍ، أو تنبيهٍ، وهو المراد بقوله: (عناية).
  مثال الأول: «زيد صديقك فلا تهمله»، ومثال الثاني: «زيد مخادع فلا تركن إليه»، ومثال الثالث: «زيد لا ينبغي الاجتماع عليه».
  ومن ذلك: التفاؤل، نحو: «سعد في دارك!»، والتطير، أي: التشاؤم، نحو: «السفاح في دارك»، أو التسجيل على السامع وغيره كما تقدم.
  ومنها: التعظيم، نحو: «محمد سيد الأنام».
  ومنها: الإهانة، نحو: «مسيلمة كذاب».
  ومنها: الكناية عن معنى يصلح له العلم(١)، نحو: «أبو لهب فعل كذا» كناية عن كونه جهنميًّا بالنظر إلى الوضع الأول الإضافي، لا الثاني اللقبي؛ لأن معناه ملازم النار(٢) وملابسها، ويلزمه أنه جهنمي(٣)، فيكون انتقالا من الملزوم إلى اللازم، وهذا القدر كاف في الكناية(٤). وليس المراد أن واضع هذه الكنية لَحَظَ من المكنى بها(٥) ذلك المعنى لغة؛ لأن الظاهر خلافه؛ إذ قيل: إنما سمي بذلك لأن لونه كان ملتهبًا.
(١) يصلح العلم له بحسب معناه الأصلي قبل العلمية، كما يقال: أبو الفضل وأخو الحرب، فإطلاق ذلك إطلاقًا عَلَميًّا يجوز أن يلاحظ فيه الأصل، فيلمح في الأول أنه ملابس الفضل فهو صاحب المكارم، وفي الثاني أنه ملاصق للحرب فهو شجاع. علوم البلاغة للمراغي.
(٢) أي: الكاملة وهي جهنم.
(٣) قوله: «ويلزمه» أي: يلزم الشخص الملابس للنار الكاملة أنه جهنمي، أي: لزوما عرفيا؛ لأنه يكفي عند علماء البيان؛ لأنهم يكتفون بالملازمة في الجملة، وهو أن يكون أحد الأمرين بحيث يصلح للانتقال منه للآخر وإن لم يكن هناك لزوم عقلي. دسوقي.
(٤) قوله: «وهذا القدر كاف ... إلخ» أي: الانتقال من المعنى الموضوع له أولا - وإن لم يكن هو المستعمل فيه اللفظ - إلى لازمه كافٍ في الكناية، ولا تتوقف على إرادة لازم ما استعمل فيه اللفظ وهو الذات المعينة. وهذا جواب عما يقال: إن الكناية يجب فيها أن يكون المراد من اللفظ لازم معناه، وهنا ليس كذلك؛ لأن المعنى الذي استعمل فيه اللفظ الذات، والكون جهنميا ليس من لوازمها. وحاصل الجواب: أن قولهم ذلك إنما يجب إذا كانت الكناية باعتبار المسمى بهذا الاسم، وأما إذا كانت الكناية باعتبار المعنى الأصلي كما هنا فلا يجب فيها أن يكون المراد من اللفظ لازم معناه المستعمل فيه، بل يكفي فيها الانتقال من المعنى الأصلي الموضوع له أولًا - وإن لم يكن اللفظ مستعملا فيه - إلى لازمه. دسوقي بتصرف.
(٥) وهو عم النبيء ÷ المسمى عبد العزى. وقوله: «ذلك المعنى» أي: كونه جهنميا. وقوله: «لغة» =