حلية اللب المصون بشرح الجوهر المكنون،

أحمد بن عبد المنعم الدمنهوري (المتوفى: 1192 هـ)

الباب الثاني: في المسند إليه

صفحة 86 - الجزء 1

  إن الذين تُرُوْنَهمْ إخوانَكم ... يشفي غليلَ صدورِهم أن تُصرَعُوا⁣(⁣١)

  ومنها: الإيماء إلى وجه⁣(⁣٢) بناء الخبر، أي: الإشارة إلى أن بناء المسند عليه⁣(⁣٣) من أي طريق: من ثواب أو عقاب أو مدح أو ذم أو غير ذلك⁣(⁣٤)، نحو: {إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ}⁣[غافر ٦٠]، فإن الاستكبار الذي تضمنته الصلة مناسب⁣(⁣٥) لإسناد {سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} - أي: ذليلين - إلى الموصول.

  وربما جعل⁣(⁣٦) ذريعة إلى التعريض بتعظيم شأن المسند، نحو [الكامل]:

  إن الذي سَمَكَ السماء بنى لنا ... بيتًا دعائِمُهُ أعزُّ وأطولُ⁣(⁣٧)

  فإن ذكر الصلة - التي هي سمك السماء - مشعر⁣(⁣٨) بتعظيم المبني عليه⁣(⁣٩)، وهو البيت الذي بناه سامك السماء ورافعها.

  أو بتعظيم غيره، نحو: «الذي يوافقك يستحق الإجلال⁣(⁣١٠)».

  وقد يكون ذريعة للإهانة، نحو: «الذي يخالفك يستحق الإذلال».

  ومنها: توجه ذهن السامع واستفراغه لما يرد بعده⁣(⁣١١)، فيقع منه موقعًا ما إذا ورد، نحو [الخفيف]:

  والذي حارتِ البَرِيَّةُ فيهِ ... حيوانٌ مستحدثٌ مِن جمادِ⁣(⁣١٢)


(١) البيت لعبدة بن الطيب وهو شاعر مخضرم. انظر ديوانه ص ١٥٥ ومفتاح العلوم ص ٢٧٥.

(٢) أي: إلى طريقه، والمراد بطريقه نوعه وصفته.

(٣) أي: على المسند.

(٤) نحو: الاستهزاء.

(٥) أي: ففيه إيماء إلى أن الخبر المبنيَّ عليه أمرٌ من جنس العقاب والإذلال. سعد.

(٦) أي: الإيماء المذكور ذريعة، أي: وسيلة. وقوله: «إلى التعريض» هو الإشارة من عرض الكلام، أي: دلالة الكلام على معنى ليس له في الكلام ذكر، نحو: «ما أقبح البخل» تريد أنه بخيل.

(٧) البيت للفرزدق انظر ديوانه ٢/ ١٥٥. وقوله: «سمك» أي: رَفَعَ.

(٨) قوله: «مشعر» أي: بواسطة إيمائه إلى أن الخبر المبني على الموصول من جنس الرفعة والبناء. مخلوف.

(٩) أي: الخبر المبني على المسند إليه. مخلوف.

(١٠) ففيه إيماء إلى أن الخبر المبني عليه من جنس الرفعة لوروده في مقام المدح، وفي هذا الإيماء تعظيم لشأن المخاطب حيث أوجبت موافقته رفعة وخيرا. مخلوف.

(١١) قوله: «استفراغه» أي: تفرغه، وقوله: «بعده»: أي: بعد المسند إليه الموصول.

(١٢) البيت لأبي العلاء المعري في داليته المشهورة بِـ «سقط الزند» ج ٢.