حلية اللب المصون بشرح الجوهر المكنون،

أحمد بن عبد المنعم الدمنهوري (المتوفى: 1192 هـ)

الباب الثاني: في المسند إليه

صفحة 87 - الجزء 1

  ومنها: عدم علم السامع بالأحوال المختصة به سوى الصلة، نحو: «الذي أطعمناه أمس جاءنا اليوم». وفي معناه⁣(⁣١): عدم علم المتكلم وحده، أو مع المخاطب، نحو: «الذي⁣(⁣٢) حولنا من الجن لا أعرفهم، أو لا نعرفهم».

  قال:

  وَبِإِشارَةٍ لِكَشْفِ الحالِ ... مِنْ قُرْبٍ اوْ بُعْدٍ أَوِ اسْتِجْهالِ

  أوْ غايةِ التّمْييزِ والتعظيمِ ... والحَطِّ والتنبيهِ والتفخيم

  أقول: من مرجحات كون المسند إليه اسم إشارة: بيان حال المشار إليه من قرب، نحو: «هذا زيد»، أو بُعدٍ، نحو: «ذاك زيد»، أو «ذلك زيد». فلاسم الإشارة مرتبتان عند المصنِّف تبعًا لسيبويه وابن مالك، والأَصْلُ جَعَلَ المراتب ثلاثًا، فيكون اسم الإشارة للمتوسط «ذاك»، وللبعيد «ذلك».

  ومنها: استجهال المخاطب، أي: تجهيله والتعريض بغباوته حتى إنه لا يتميز له الشيء إلا بالإشارة إليه، كقول الفرزدق يخاطِب جريرًا [الطويل]:

  أولئكَ آبائِي فجِئني بِمِثلِهمْ ... إذا جَمَعَتْنا يا جريرُ المجامعُ⁣(⁣٣)

  ومنها: تمييزه غاية التمييز؛ لإحضاره في ذهن السامع حسًّا بالإشارة، كقول ابن الرومي [البسيط]:

  هذا أبو الصقرِ فَرْدًا في محاسِنِهِ ... مِن نسلِ شيبانَ بينَ الضَّالِ والسَّلَمِ⁣(⁣٤)

  ومنها: التعظيم، أي: قصد تعظيمه بالقرب⁣(⁣٥)، نحو: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي(⁣٦) لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ}⁣[الإسراء ٩]، أو البُعْد نحو: {ذَلِكَ الْكِتَابُ}⁣[البقرة ٢]، نَزَّلَ


(١) أي: في حكمه من كون طريقه التعريف بالموصولية. مخلوف.

(٢) المناسب «الذين». مخلوف.

(٣) انظر ديوان الفرزدق ١/ ٤١٨. وفي البيت تعريض بغباوة جرير حيث قال: «أولئك» بخلاف ما لو قال: «فلان وفلان وفلان آبائي» لم يحصل التعريض بذلك.

(٤) انظر ديوانه والإيضاح والمفتاح، و «فردًا» منصوب على الحال أو المدح.

(٥) أي: تعظيم درجته بالقرب.

(٦) ففي الإشارة بـ «هذا» إلى القرآن إعلام بأنه مخالط للنفس لا يغيب عنها، وفيه من التعظيم ما لا يخفى. مخلوف.