المبحث الرابع في تقديم متعلقات الفعل
  أي بخلاف خمور الدنيا فإنها تغتال العقول وتوجب دوار الرأس وثقل الأعضاء، ومن ثم لم يقدم الظرف في قوله تعالى: {لا رَيْبَ فِيهِ}(١) لأنه لو قدم لاقتضى ثبوت الريب في سائر كتب الله تعالى ما عدا القرآن.
  ٢ - التنبيه ابتداء دون حاجة إلى تأمل في الكلام على أنه خبر لا نعت، كقوله تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ}(٢)، وقول أبي بكر ابن النطاح في وصف أبي دلف العجلي:
  له همم لا منتهى لكبارها ... وهمته الصغرى أجلّ من الدهر
  له راحة لو أن معشار جودها ... على البرّ كان البرّ أندى من البحر
  ٣ - التفاؤل بسماع ما يسرّ المخاطب، نحو:
  سعدت بغرة وجهك الأيام ... وتزينت بلقائك الأعوام
  ٤ - التشويق(٣) إلى ذكر المسند اليه، ويكثر ذلك في باب المدح، كقول محمد ابن وهيب يمدح المعتصم:
  ثلاثة تشرق الدنيا ببهجتها ... شمس الضحى وأبو إسحاق والقمر
  وفي باب الوعظ كقول أبي العلاء المعري:
  وكالنار الحياة فمن رماد ... أواخرها وأولها دخان
المبحث الرابع في تقديم متعلقات الفعل
  الأصل في العامل أن يقدم على المعمول، وقد يعكس ذلك فيقدم المفعول ونحوه من الجار والمجرور والظرف والحال لأغراض أهمها:
  ١ - رد الخطأ في التعيين كقولك: محمدا كلمت، ردا على من اعتقد أنك كلمت إنسانا غير محمد، وتقول لتأكيده: محمدا كلمت لا غيره. أو في ظن الاشتراك، نحو: عليا رأيت، أي وحده، ردا على من اعتقد أنك رأيت عليا ومحمدا. ومن ثم لا يقال: ما محمدا كلمت ولا غيره، لتناقض دلالتي الأول والثاني،
(١) سورة البقرة الآية ٢.
(٢) سورة الأعراف الآية ٢٤.
(٣) اذا كان في المسند المتقدم طول يشوق النفس الى ذكر المسند اليه، فيكون ذكره بعدئذ أوقع وأتم.