علوم البلاغة (البيان المعاني البديع)،

أحمد بن مصطفى المراغي (المتوفى: 1371 هـ)

المبحث الثاني عشر في تقسيم الاستعارة إلى مصرحة ومكنية

صفحة 270 - الجزء 1

  استعير الرقاد وهو النوم للموت، والجامع عدم ظهور الفعل، والجميع عقلي، ونظيره: {تَكادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ}⁣(⁣١)، فقد استعير الغيظ للحالة المتوهمة للنار، لإرادة الانتقام من العصاة.

  ٥ - استعارة محسوس لمعقول، نحو: {فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ}⁣(⁣٢) فقد استعير صدع الزجاجة، وهو كسرها، وهذا حسي لتبليغ الرسالة بجامع التأثير⁣(⁣٣)، وهما عقليان.

  ونحوه: {فَنَبَذُوهُ وَراءَ ظُهُورِهِمْ}⁣(⁣٤)، فقد استعير النبذ، وهو إلقاء الشيء باليد للأمر المتناسي حاله، والجامع عدم العناية فيهما.

  ٦ - استعارة معقول لمحسوس، نحو: {إِنَّا لَمَّا طَغَى الْماءُ}⁣(⁣٥) فقد استعير الطغيان، وهو التكبر والعلو لظهور الماء وكثرته، والجامع الخروج عن حد الاعتدال والاستعلاء المفرط، فالمستعار منه والجامع عقليان.

المبحث الثاني عشر في تقسيم الاستعارة الى مصرحة ومكنية

  تنقسم الاستعارة باعتبار ذكر المشبه به أو ذكر ما يخصه الى قسمين:

  ١ - مصرحة أو مصرح بها أو تصريحية، وهي ما صرح فيها بلفظ المشبه به كقول شوقي:

  دقات قلب المرء قائلة له ... إن الحياة دقائق وثوان

  شبهت الدلالة بالقول بجامع إيضاح المراد وإفهام الغرض في كل منهما واستعير اللفظ الدال على المشبه به للمشبه، واشتق من القول بمعنى الدلالة قائل بمعنى دال على طريق الاستعارة التصريحية، والقرينة نسبة القول الى الدقات، ونظيره قول الوأواء الدمشقي:

  فأمطرت لؤلؤا من نرجس وسقت ... وردا وعضّت على العناب بالبرد


(١) سورة الملك الآية ٨.

(٢) سورة الحجر الآية ٩٤.

(٣) التأثير المراد هنا نوع مخصوص لا يعود معه المؤثر فيه الى حاله الأولى، وهو في كسر الزجاجة أقوى وأبين، فكأنه قبل وضح الأمر وضوحا لا يزول أثره كما لا يلتئم صدع الزجاجة.

(٤) سورة آل عمران الآية ١٨٧.

(٥) سورة الحاقة الآية ١١.