المبالغة - آراء العلماء فيها - أقسامها
  وتردّ إذا جاءت على جهة الإغراق والغلو، ويذم مستعملها، كما درج على ذلك أبو نواس وابن هانئ الأندلسي والمتنبي وأبو العلاء، وغيرهم.
  (أقسامها) - أقسام المبالغة ثلاثة(١): تبليغ وإغراق وعلو، لأن المدّعي للوصف من الشدة أو الضعف إما أن يكون ممكنا في نفسه أولا الثاني الغلو، والأولى إما أن يكون ممكنا في العادة أولا، الأول: التبليغ، والثاني: الإغراق:
  ١ - فالتبليغ(٢) ما يكون المدعي فيه ممكنا عقلا، وعادة، كقول امرئ القيس:
  فعادى عداء بين ثور ونعجة ... دراكا فلم ينضح بماء فيغسل(٣)
  فقد وصف هنا الفرس بأنه أدرك ثورا وبقرة وحشيتين في مضمار واحد ولم يعرق، وذلك مما لا يمتنع عقلا ولا عادة.
  ونظيره قول المتنبي:
  وأصرع أيّ الوحش قفيته به ... وأنزل عنه مثله حين أركب
  فقد مدحه أولا بأنه يلحق كل وحش ولم يستثن شيئا، ثم عقبه بمدح أعظم ومبالغة أكثر في الشطر الثاني من أجل أنه أفاد به وفرة جريه وشدة صلابته.
  ٢ - والإغراق ما يكون المدعي فيه ممكنا عقلا لا عادة، وهذا على ضربين:
  (أ) وهو أجلبهما الى حسن الاصغاء أن يقترن به ما يقرّ به من نحو لو ولو لا وكاد وكأن، وإذ ذاك يظهر حسنه ويبهر شكله، كقول امرئ القيس في وصف محبوبته:
  من القاصرات الطرف لو دب محول ... من النمل فوق الإتب منها لأثرا(٤)
  فقد وصفها بالرقة ونعومة الجسم، وقرب الدعوى بلفظ لو حتى جعل السامع يصغي إلى ما يقول.
(١) انحصارها في هذه الأقسام بالاستقراء وبالعقل.
(٢) التبليغ والإغراق مقبولان في صنعة البديع لعدم ظهور الكذب فيهما الموجب لردها، وكذا بعض أنواع الغلو.
(٣) عادى عداء والى موالاة بين الصيدين يصرع أحدهما إثر الآخر، ودراكا متتابعا، والنضح الرشح.
(٤) المحول ما أتى عليه الحول، والاتب ما قصر من الثياب وقميص بلا كمين.