السرقات الشعرية وما يتصل بها
  ٢ - المسخ أو الاغارة، وهو أن يأخذ الشاعر بعض اللفظ، أو يغيّر بعض النظم، وهو ثلاثة أضرب:
  (أ) أن يكون الثاني أبلغ من الأول لاختصاصه بحسن السبك، أو جودة الاختصار، أو الايضاح، أو زيادة المعنى، وهو مقبول ممدوح كقوله:
  خلقنا لهم في كل عين وحاجب ... بسمر القنا والبيض عينا وحاجبا
  مع قول ابن نباتة، وهو بعده:
  خلقنا بأطراف القنا في ظهورهم ... عيونا لها وقع السيوف حواجب
  فقد زاد هذا معنى لم يطرقه الأول، وهو إشارة الى انهزامهم.
  (ب) أن يكون الثاني دون الأول في البلاغة، وهذا خليق بالرد، كقول أبي تمام:
  هيهات لا يأتي الزمان بمثله ... إن الزمان بمثله لبخيل
  مع قول أبي الطيب، وقد أخذ عنه، وقصر عن الغاية التي وصل اليها سابقه:
  أعدى الزمان سخاؤه فسخا به ... ولقد يكون به الزمان بخيلا(١)
  إذ قوله يكون بلفظ المضارع لم يقع موقعه، إذ المعنى على المضي لكن الوزن ألجأه الى ذلك.
  (ج) أن يكون الثاني مثل الأول، وحينئذ يكون بعيدا من الذم، والفضل للسابق، كقول أبي تمام:
  لو حار مرتاد المنية لم يجد ... إلا الفراق على النفوس دليلا(٢)
  مع قول أبي الطيب:
  لو لا مفارقة الأحباب ما وجدت ... لها المنايا الى أرواحنا سبلا
(١) المعنى أن الزمان سخا به علي، وكان بخيلا به، فلما أعداه سخاؤه أسعدني بضمي اليه وهدايتي له.
(٢) حار تحير في التوصل الى إهلاك النفوس، ومرتاد المنية الاضافة فيه للبيان أي مرتاد هو المنية، والمعنى: لو تحيرت المنية لم تجد لها طريقا يوصلها لذلك إلا فراق الاحبة.