علوم البلاغة (البيان المعاني البديع)،

أحمد بن مصطفى المراغي (المتوفى: 1371 هـ)

السرقات الشعرية وما يتصل بها

صفحة 374 - الجزء 1

  لئن أخطأت في مدحك ماأخطأت في منعي ... لقد أنزلت حاجاتي {بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ}

  فهو مقتبس من قوله تعالى: {رَبَّنا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ}⁣(⁣١)، فمعناه في القرآن واد لا ماء فيه ولا نبات.

  نقله ابن الرومي الى رجل لا خير فيه ولا نفع، ولا بأس بتغيير يسير في اللفظ المقتبس للوزن أو غيره، كقول بعض المغاربة عند وفاة بعض أصحابه:

  قد كان ما خفت أن يكونا ... إنا إلى الله راجعونا

  (تتمة) الاقتباس على ثلاثة أقسام:

  (أ) مستحسن، وهو ما كان في الخطب والمواعظ.

  (ب) مباح، ما كان في الغزل والرسائل والقصص.

  (ج) مردود، ما كان في الهزل، كقول القائل:

  أوحى الى عشاقه ... {هَيْهاتَ هَيْهاتَ لِما تُوعَدُونَ}

  {وردفه ينطلق من خلفه} ... {لِمِثْلِ هذا فَلْيَعْمَلِ الْعامِلُونَ}

  ٢ - التضمين⁣(⁣٢)، وهو أن يضمن الشاعر كلامه شعرا من شعر غيره مع التنبيه عليه إن لم يكن مشهورا لدى نقاد الشعر وذي اللسن، كقول الحريري يحكي ما قاله الغلام الذي عرضه أبو زيد للبيع:

  على اني سأنشد عند بيعي ... (أضاعوني وأي فتى أضاعوا)

  المصراع الأخير للعرجي، وأصله:

  أضاعوني وأي فتى أضاعوا ... ليوم كريهة وسداد ثغر⁣(⁣٣)

  أما تضمينه فلا تنبيه عليه لشهرته، فكقوله:


(١) سورة إبراهيم الآية ٣٧.

(٢) تضمين البيت فما زاد استعانة وتضمين المصراع فما دونه يسمى رفوا وإبداعا.

(٣) الكريهة: الحرب، والسداد: سد الثغر بالخيل والرجال، والثغر: الموضع الذي يخشى منه العدو، والاستفهام أي أضاعوني وأنا أكمل الفتيان في وقت الحاجة لسداد الثغر.