الإهليلجة،

جعفر بن محمد الصادق (المتوفى: 148 هـ)

[وصف لبعض عجائب الملكوت المدركة بالحواس وإثارتها لدفائن العقول]

صفحة 30 - الجزء 1

  الشمس وهي مشرقة وظهورها إذا غربت، وجري الشمس والقمر في البروج دائبين لا يتغيران في أزمنتهما وأوقاتهما يعرف ذلك من يعرف بحساب موضوع وأمر معلوم بحكمة يعرف ذوو الألباب أنها ليست من حكمة الإنس، ولا تفتيش الأوهام، ولا تقليب التفكر، فعرف القلب حين دلته العين على ما عاينت أن لذلك الخلق والتدبير والأمر العجيب صانعاً يمسك السماء المنطبقة أن تهوي إلى الأرض، وأن الذي جعل الشمس والنجوم فيها خالف السماء، ثم نظرت العين إلى ما استقلها من الأرض فدلت القلب على ما عاينت فعرف القلب بعقله أن ممسك الأرض الممتدة أن تزول أو تهوي في الهواء⁣(⁣١)، وهو يرى الريشة يرمي بها فتسقط مكانها وهي في الخفة على ما هي عليه، هو الذي يمسك السماء التي فوقها، وأنه لولا ذلك لخسفت بما عليها من ثقلها وثقل الجبال والأنام والأشجار والبحور والرمال، فعرف القلب بدلالة العين أن مدبر الأرض هو مدبر السماء، ثم سمعت الأذن صوت الرياح الشديدة العاصفة واللينة الطيبة، وعاينت العين ما يقلع من عظام الشجر ويهدم من وثيق البنيان، وتسفى من ثقال الرمال، تخلى منها ناحية وتصبها في أخرى، بلا سائق تُبْصِرُهُ العين، ولا تسمعه الأذن، ولا يدل بشيء من الحواس، وليست مجسدة تلمس ولا محدودة


(١) يدلك كلام جعفر الصادق # على معرفة أهل البيت $ بكروية الأرض، وهو ما قرره الفلكيون المتأخرون وعليه الناس اليوم، وسيأتي له # كلام آخر يؤيد هذا القول عند الحديث عن النجوم، وقد رجح الإمام المهدي أحمد بن يحيى المرتضى # كروية الأرض، انظر مقدمة البحر الزخار.