[من الذي علم الناس علم النجوم والحساب]
  وكيف اهتدى أن يقيس الشمس حتى يعرف في أي برج، وفي أي برج القمر، وفي أي برج من السماء هذه السبعة السعود والنحوس، وما الطالع منها وما الباطن وهي معلقة في السماء، وهو من أهل الأرض لا يراها إذا توارت بضوء الشمس، إلا أن تزعم أن هذا الحكيم الذي قد وضع هذا العلم قد رقى إلى السماء، وأنا أشهد أن هذا العالم لن يقدر على هذا العلم إلا بمن في السماء؛ لأن هذا ليس من علم أهل الأرض؟
  قال: ما بلغني أن أحداً من أهل الأرض رقى إلى السماء.
  قلت: فلعل هذا الحكيم فعل ذلك ولم يبلغك.
  قال: ولو بلغني ما كنت مصدقاً.
  قلت: فأنا أقول قولك، هبه رقى إلى السماء هل كان له بدٌ من أن يجري مع كل برج من هذه البروج، ونجم من هذه النجوم، من حيث يطلع إلى حيث يغيب، ثم يعود مثل الآخر حتى يأتي على آخرها، فإن منها ما يقطع السماء في ثلاثين سنة، ومنها ما يقطع دون ذلك، وهل كان له بدٌ من أن يجول في أقطار السماء حتى يعرف مطالع السعود منها والنحوس، والبطيء والسريع حتى يحصي ذلك، أو هبه قدر على ذلك حتى فرغ مما في السماء هل كان يستقيم له ما في السماء حتى