[أنوار الحق تبدد ظلام الباطل]
  قلت: فأخبرني عن قولك أن الناس خلقوا أنفسهم فبكمالهم خلقوها أرواحهم وأجسادهم وصورهم وأنفاسهم أم خلق بعض ذلك غيرهم؟
  قال: بكمالهم لم يخلق ذلك، ولا شيئاً منهم غيرهم.
  قلت: فأخبرني الحياة أحب لهم أم الموت؟
  قال: أوتشك أنه لا شيء أحب إليهم من الحياة، ولا أبغض إليهم من الموت.
  قلت: فأخبرني من خلق الموت الذي يخرج أنفسهم التي زعمت أنهم خلقوها؟ فإنك لا تنكر أن الموت غير الحياة، وأنه هو الذي يذهب بالحياة، فإن قلت: إن الذي خلق الموت غيرهم، فإن الذي خلق الموت هو الذي خلق الحياة، ولئن قلت هم الذين خلقوا الموت لأنفسهم إن هذا لمحال من القول، وكيف خلقوا لأنفسهم ما يكرهون إن كانوا كما زعمت خلقوا أنفسهم.
  هذا ما يستنكر من ضلالك أن تزعم أن الناس قدروا على خلق أنفسهم بكمالهم، وأن الحياة أحب إليهم من الموت، وخلقوا ما يكرهون لأنفسهم.
  قال: ما أجد واحداً من القولين ينقاد لي، ولقد قطعته علي قبل الغاية التي كنت أريدها.