الإهليلجة،

جعفر بن محمد الصادق (المتوفى: 148 هـ)

[أنوار الحق تبدد ظلام الباطل]

صفحة 46 - الجزء 1

  قلت: فمن خلق القردة والخنازير إن كان الناس والنجوم خلقنّ أنفسهن فلابد من أن تقول: إنهن من خلق الناس، أو خلقن أنفسهن، أفتقول إنها من خلق الناس؟

  قال: لا.

  قلت: فلابد من أن يكون لها خالق أو هي خلقت أنفسها، فإن قلت إنها من خلق الناس أقررت أن لها خالقاً، فإن قلت لابد لها أن يكون لها خالق فقد صدقت، وما أعرفنا به، ولئن قلت إنهن خلقن أنفسهن فقد أعطيتني فوق ما طلبت منك من الإقرار بصانع، ثم قلت: فأخبرني، بعضهن قبل بعض خلقن أنفسهن أم كان ذلك في يوم وا حد، فإن قلت بعضهن قبل بعض، فأخبرني السماوات وما فيهن والنجوم قبل الأرض والإنس والذرء خلقن أم بعد ذلك؟ فإن قلت: إن الأرض قبل أفلا ترى قولك أن الأشياء لم تزل، قد بطل حيث كانت السماء بعد الأرض.

  قال: بلى، ولكن أقول معاً جميعاً خلقن.

  قلت: أفلا ترى أنك قد أقررت أنها لم تكن شيئاً قبل أن خلقن، وقد أذهبت حجتك في الأزلية.

  قلت: إني لعلى حد وقوف، ما أدري ما أجيبك فيه؛ لأني أعلم أن الصانع إنما سمي صانعاً لصناعته، والصناعة غير الصانع، والصانع غير الصناعة؛ لأنه يقال للرجل الباني لصناعته البناء، والبناء غير الباني والباني غير البناء، وكذلك الحارث غير الحرث والحرث غير الحارث.