الإهليلجة،

جعفر بن محمد الصادق (المتوفى: 148 هـ)

[علم النجوم وحسابها أرضي أم سماوي؟]

صفحة 49 - الجزء 1

  قلت: فلا أراك تجد بداً من أن تزعم أن المعلم لهذا من السماء.

  قال: لئن قلت أن ليس لهذا الحساب معلم لقد قلت إذاً غير الحق، ولئن زعمت أن أحداً من أهل الأرض علم ما في السماء وما تحت الأرض لقد أبطلت؛ لأن أهل الأرض لا يقدرون على علم ما وصفت لك من حال هذه النجوم والبروج بالمعاينة والدنو منها⁣(⁣١) فلا يقدرون عليه؛ لأن علم أهل الدنيا لا يكون عندنا إلا بالحواس، وما يدرك علم هذه النجوم التي وصفت بالحواس؛ لأنها معلقة في السماء، وما زادت الحواس على النظر إليها، حيث تطلع وحيث تغيب، فأما حسابها ودقائقها ونحوسها وسعودها، وبطيئها وسريعها وخنوسها ورجوعها فأنَّى تدرك بالحواس أو يهتدى إليها بالقياس.

  قلت: فأخبرني لو كنت متعملاً مستوصفاً لهذا الحساب من أهل الأرض أحب إليك أن تستوصفه وتتعلمه أم من أهل السماء؟

  قال: من أهل السماء إذ كانت النجوم معلقة فيها، حيث لا يعلمها أهل الأرض.

  قلت: فافهم وأدق النظر وناصح نفسك، ألست تعلم أنه حيث كان جميع أهل الدنيا إنما يولدون بهذه النجوم على ما وصفت في النحوس والسعود أنهن كن قبل الناس؟


(١) وفي نسخة: فأما الدنو.