[من أسماء الله الحسنى وصفاته ونفي الأشباه عنه تعالى]
  والناحية الأخرى قائمة، يرينا قدرته ويدلنا بفعله على معرفته، فلهذا سمي قوياً، لا لقوة البطش المعروفة من الخلق، ولو كانت قوته تشبه قوة الخلق لوقع عليه التشبيه، وكان محتملاً للزيادة، وما احتمل الزيادة كان ناقصاً، وما كان ناقصاً لم يكن تاماً، وما لم يكن تاماً كان عاجزاً ضعيفاً، والله ø لا يُشَبِّهُ بشيء، وإنما قلنا إنه قوي للخلق القوي وكذلك قولنا العظيم والكبير، ولا يشبه بهذه الأسماء الله تبارك وتعالى.
  قال: أفرأيت قوله: سميع بصير عالم؟
  قلت: إنما يسمى تبارك وتعالى بهذه الأسماء لأنه لا يخفى عليه شيء مما لا تدركه الأبصار من شخص صغير أو كبير أو دقيق أو جليل، ولا نصفه بصيراً بلحظ عين كالمخلوق، وإنما سمي سميعاً لأنه ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم، ولا خمسة إلا هو سادسهم، ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أينما كانوا، يسمع النجوى، ودبيب النمل على الصفا(١) وخفقان الطير في الهواء(٢) لا تخفى عليه خافية، ولا شيء مما أدركته الأسماع والأبصار، وما لا تدركه الأسماع والأبصار، ما جل من ذلك وما دق، وما صغر وما
(١) الصفا: الحجر الصلد الضخم.
(٢) خفق الطير: ضرب بجناحيه.