الإهليلجة،

جعفر بن محمد الصادق (المتوفى: 148 هـ)

[من أسماء الله الحسنى وصفاته ونفي الأشباه عنه تعالى]

صفحة 80 - الجزء 1

  كبر، ولم نقل سميعاً بصيراً كالسمع المعقول من الخلق، وكذلك إنما سمي عليماً لأنه لا يجهل شيئاً من الأشياء، لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء، علم ما يكون وما لا يكون، وما لو كان كيف يكون، ولم نصف عليماً بمعنى غريزة يعلم بها، كما أن للخلق غريزة يعلمون بها، فهذا ما أراد من قوله عليم، فعز من جَلَّ عن الصفات، ومن نزّه نفسه عن أفعال خلقه، فهذا هو المعنى، ولولا ذلك ما فصل بينه وبين خلقه فسبحانه وتقدست أسماؤه.

  قال: إن هذا لكما تقول، ولقد علمت إنما غرضي أن أسأل عن رد الجواب فيه عند مصرف يسنح عني، فأخبرني لعلي أحكمه فتكون الحجة قد انشرحت للمتعنت المخالف، أو السائل المرتاب، أو الطالب المرتاد، مع ما فيه لأهل الموافقة من الإزدياد، فأخبرني عن قوله: لطيف، وقد عرفت أنه للفعل، ولكن قد رجوت أن تشرح لي ذلك بوصفك.

  قلت: إنما سميناه لطيفاً للخلق اللطيف، ولعلمه بالشيء اللطيف مما خلق من البعوض والذرة، ومما هو أصغر منهما⁣(⁣١) لا يكاد تدركه الأبصار والعقول لصغر خلقه من عينه وسمعه وصورته، لا يعرف من


(١) الذر: صغار النمل.