[مقدمة المؤلف]
  بسم الرحمن الرحمن الرحيم
  أما بعد ... وفقنا الله وإياك لطاعته، وأوجب لنا بذلك رضوانه برحمته، وصل كتابك تذكر فيه ما ظهر في ملتنا، وذلك من قوم من أهل الإلحاد بالربوبية قد كثرت عدتهم واشتدت خصومتهم، وتسأل أن أصنع للرد عليهم بالنقض لما في أيديهم كتاباً على نحو ما رددت على غيرهم من أهل البدع والاختلاف، ونحن نحمد الله على النعم السابغة والحجج البالغة، والبلاء المحمود عند الخاصة والعامة، فكان من نعمه العظام وآلائه الجسام التي أنعم بها تقريره قلوبهم بربوبيته، وأخذ ميثاقهم بمعرفته، وإنزاله عليهم كتاباً فيه شفاء لما في الصدور من أمراض الخواطر، ومشتبهات الأمور، ولم يدع لهم ولا لشيء من خلقه حاجة إلى من سواه، واستغنى عنهم، وكان الله غنياً حميداً، ولعمري ما أتي الجهال من قبل ربهم وإنهم ليرون الدلالات الواضحات والعلامات البينات في خلقهم، وما يعاينون من ملكوت السماوات والأرض والصنع العجيب المتقن الدال على الصانع، ولكنهم قومٌ فتحوا على أنفسهم أبواب المعاصي، وسهلوا لها سبيل الشهوات، فغلبت الأهواء على قلوبهم، واستحوذ الشيطان بظلمهم عليهم، وكذلك يطبع الله على قلوب المعتدين، والعجب من مخلوق