نهاية التنويه في إزهاق التمويه،

الهادي بن إبراهيم الوزير (المتوفى: 822 هـ)

هذا وقد تمت المقابلة على ثلاث نسخ

صفحة 15 - الجزء 1

  

  الحمد لله الذي فرض على خلقه الجهاد بكل ما يمكن من آلات العباد.

  الحمد لله الذي ساق إليّ هذه المنحة، وأتاح لي هذه الفرصة، وحباني بغاية المراد، ومكنني من المشاركة في القيام بفرض الجهاد؛ إذ قد يكون باللسان كما يكون بالسنان، وقد يكون بنشر العلوم المندرسة كما يكون بصد الليوث المفترسة، فأحمده على هذا الإحسان، وأشكره على هذا الامتنان، وأصلي وأسلم على حبيب المؤمنين، وخاتم النبيين، وسيد المرسلين، محمد الصادق الأمين، وعلى آله الغر الميامين.

  أما بعد:

  فإني كغيري من أهل هذا المذهب المتين، - الذي كثُرت عليه النكبات، وتعاورته الفتن المتتاليات، من أعدائه وأدعيائه على حد سواء، منذ بروزه إلى الوجود حتى الآن - كنت كثير التأمل في تاريخه، شديد التألم من نكباته، إذْ لا يكاد زمان يخلو من عاصفة تعصف به، وكارثة تنزل به، من ظالم يحاول اجتثاثه بالقوة، بسفك دماء أعلامه، ومصادرة آرائه وأحكامه، وحظر علومه، ودعم خصومه، أو جاهل احتضنه السلطان؛ فصار بقربه منه عالم العصر والأوان، وصار كلامه لذلك حجة الحجج واضح المنهج، ولو كان عاطلاً عن الدليل، بل لو كان مصادماً للتنزيل، يهوي عليه بمعاوله الظالمة، ويلحي عليه بصوارمه الغاشمة، فيجر وراءه الثليل الأسود من الهمج الرعاع، حرصاً على نيل فتات موائده، وطلباً للمزيد من عوائده، إذْ دعاته التقريب بأهل الفساد، والإبعاد لأهل الفضل والرشاد.

  على أنه لم يكن هؤلاء بأعظم نكاية، ولا أكثر غواية ممن تقَمّص بقميص اعتناقه، ودعا سراً وجهراً إلى فراقه، تارة بالتنكيت على أئمته السابقين، وتارة بالهمز واللمز في