هذا وقد تمت المقابلة على ثلاث نسخ
  الحاضرين، وتارة بوصم أدلته بالضعف، وأخرى بإرجاع نصوصه إلى الخلف؛ إما بالتأويل المتعسف، وإما بالنقل المحرف أو المصحّف، وحتى صار الناظر في كتب هذا المذهب - وأعني بها المنسوبة إليه والمحسوبة عليه سواء كانت صادقة الانتساب، أم وليدة الأفنية والأبواب - لا يعرف صرفه من مقتوله، ولا صدقه من معسوله، لمّا ساده هؤلاء المندسون، وزخرفه هؤلاء المبطلون، إلا أن يكون ذا قدم ثابت، وعلم راسخ، يفرق بين العصب والعظم، والسها والنجم، اعتمد على أرباب النقول، وفَتَّش عن ثقة الناقل وصحة المنقول، وهم بحمد الله في كل عصر ليسوا بالقليل، وشبا مقاولهم ليس بالكليل، ولكن الأغمار الذين تنطلي عليهم الترَّهات، وتستهويهم الخجع والخيالات - وما أكثرهم في كل جيل، وأوفرهم في كل قبيل - يكثرون أهل التثبت في معظم أرجاء البلاد، ويجادلون بما ليس لهم به علم إلا مجرد العناد، فينفق جدالهم في سوق الهمج الذين لا تهمهم الأدلة والحجج، فيلتبس الجاهل بالفاضل، ويختلط الحابل بالنابل.
  ولعمري إن هذا لهو الداء العضال، لولا ما مَنَّ به الكبير المتعال، من حياطة الدين بمقاول أهل الحق واليقين.
  فبينما أنا بين هذه الهواجس التي تترامى بي في نواحي محيط التاريخ الزيدي، وبين موجاته الهائلة، إذْ أحدثت إليّ مواهب الله أخوين زائرين كريمين فاضلين هما - إبراهيم بن مجدالدين بن محمد المؤيدي، وإسماعيل بن مجدالدين بن محمد المؤيدي، - يطلبان مني مساعدتهما بما يقومان به من عملهما الجدير بالإجلال والتقدير، وهو طبع ونشر ما يمكن طبعه ونشره من كتب الزيدية الصريحة النسب، التي لا زالت حبيسة خزائنها، وعرضا علي نشرةً بأسماء الكتب التي هما بصدر طبعها ونشرها، فوقع اختياري من بينها على كتاب (نهاية التنويه في إزهاق التمويه) للسيد العالم الجليل الهادي بن إبراهيم الوزير #،