[مقدمة قبل الجواب على متعلقات صاحب هذه المقالة]
  ففعلن، وكان فيمن أطنب في تهنئته عمر بن الخطاب، فأظهر له المسرة، وقال فيما قال: «بخ بخ» كما ذكرنا.
[مقدمة قبل الجواب على متعلقات صاحب هذه المقالة]
  وأما النكتة الثالثة: وهي في جواب ما يتعلق به صاحب المقالة من الخيالات، فقبل أن نتكلم عليها نذكر فائدة في سبب تعلقه بها.
  إعلم أن علماء المعتزلة أوسعوا في اعتراضات أئمة الزيدية فيما تذهب إليه من النصوص على إمامة أمير المؤمنين #، وطولوا في أفانين الاعتراضات، وأفردوا كتباً جمة، وتوارثوا هذا الرأي خلفاً عن سلف، وجعلوه دَيْدَناً وديناً، وفي كل عصر من أئمتنا وعلمائنا البحور الزواخر، والسيوف البواتر، والأقمار الزواهر، فكلما تمسكت به الخصوم من شبهة بتكت أئمتنا أسبابها، وكلما أوقدوا ناراً للحرب، أطفت علماؤنا التهابها.
  وعلى ذلك مضت بهم الأعصار، واختلف بهم الليل والنهار، وشم صاحب المقالة شيئاً من علم المعتزلة حبب إليه مذهب القوم، ومن عشق شيئاً أعمى نظره، وأمرض قلبه، فاغتر بالشكير وطار مسفاً، ووقع على اعتراضات الشيوخ فمسخ منها، وسلخ ونسخ، واعتقد أنه جاء بغريب، فأوضع في القدح بين تعريس(١) وتأويب، وإيجاف وتقريب، ولم يدر أن لتلك الخيالات أنواراً تنفيها، وأن للكعبة رباً يحميها، ولله القائل:
  وَ من لم يتق الضحضَاح زلت(٢) ... به قدماه في البحر الغميق
(١) عرس القوم: نزلوا في آخر الليل، والتعريس مصدره، وأوضع: أسرع، والقدح بالكسر: السهم، وبالفتح الطعن، والتأويب الرجوع، تمت (ق) بتصرف.
(٢) الضحضاح: الماء اليسير، تمت (ق).