[حكم صاحب هذا الرأي]
  من مذهبهم، وظاهره العموم، ولا تصدر هذه الرواية عن عالم كبير إلا بعد خبرةٍ و تحقيق لما رواه، فلعل أبا علي وأبا هاشم قد رجعا عن التوقف إلى القول بتفضيل علي # على من تقدم من الصحابة، وهذا الذي يليق بهما لرسوخ أقدامهما في التحقيق.
  وأما قاضي القضاة(١)، فقد صرح أن علياً # أفضل من الثلاثة، فحصل من هذه النبذةِ أن صاحب المقالة المتقدمة قد زاد في خطأه على المعتزلة، وخرج عن مذهبهم في التفضيل، والمعلوم من إجماع العترة النبوية أن المعتزلة أخطأت في إنكار النصوص الواردة في إمامة الفاروق الأزهر.
  قال الشيخ العلامة سيف الأصوليين أحمد بن محمد بن الحسن الرصاص(٢) في كتابه المعروف «بمنهاج الإنصاف العاصمة عن شب نار الخلاف» - بعد أن أطال الثناءَ على المعتزلة حتى قال ما لفظه -:
  وإن كانت الهفوة لا تعصمهم، فللجواد كبوة، وفي الحسام نبوة، وإن كنا لا نحمدهم، بل نقول: إنهم قصَّروا في حق علي # تقصيراً فتّ عضد تحقيقهم، وغيَّر في وجه تدقيقهم، ونقول - مع ذلك -: «بأنهم سقوا من فضالة الزيدية، وشرفوا باتباع
(١) أبوالحسن قاضي القضاة عبدالجبار بن أحمد بن عبدالجبار الهمداني، استدعاه الصاحب إلى الري بعد سنة ٣٦٠ هـ فبقي بها إلى أن توفي سنة ٤١٥ هـ أو ٤١٦ هـ، ذكره في طبقات المعتزلة ط/٢/ ١٤٠٩ هـ/١١٢، في الطبقة الحادية عشرة.
(٢) أحمد بن محمد بن الحسن بن محمد بن الحسن الرصاص، قرأ على الشيخ محيي الدين بن محمد بن أحمد بن الوليد القرشي، والشهيد حسام الدين حميد بن أحمد المحلي، اختلف مع الإمام المهدي أحمد بن الحسين الشهيد، وقيل: إنه تاب فيما كان منه من التحريض على قتله، توفى يوم الخميس ١٩ رمضان سنة ٦٥٦ هـ، أهـ من أعلام المؤلفين.