[حكم صاحب هذا الرأي]
  بايع، وأحجم، ثم أصحب، ولو أقام على الإمتناع، لم نقل بصحة البيعة، ولا بلزومها، ولو جرّد السيف كما جرّده آخر الأمر؛ لقلنا بفسق كل من خالفه على الإطلاق كائناً من كان، قال: «وبالجملة فإن أصحابنا يقولون: إن الأمركان له، وكان هو المستحق والمتعين، إن شاء أخذه لنفسه، وإن شاء ولاّه غيره، فلما رأيناه قد وافق على ولاية غيره، اتّبعناه، ورضينا بما رضي».
  هذا كلام علماء المعتزلة رواه عنهم خرّيت(١) مذاهب مذاهبهم(٢)، وقد أردنا بيان مذهبهم في تفضيل علي #، وإن كان في كلامهم دعوى موافقته # للقوم، والرضى بما أقدموا عليه، فهذا ليس من مذهبنا، وربما يعرض من الكلام في المطلب الرابع ما يبطل هذه الدعوى إن شاء الله تعالى.
  هذا وقد روي توقف أبي علي(٣) وأبي هاشم(٤) في تفضيل علي #، وفي الرواية المتقدمة عن ابن أبي الحديد مَا يخالف [ما روي] عن أبي علي وأبي هاشم من التوقف؛ لأنه أطلق الرواية عن المعتزلة في تفضيل علي #، وقال: هو المستقر
(١) الخرّيت كسكيت: الدليل الحاذق.
(٢) في (ب): خرّيت مذاهب مذهبهم، والمذاهب: جمع مذهب؛ بمعنى الطريق اللغوية، والمذاهب: المذهب الإصطلاحي.
(٣) أبوعلي محمد بن عبدالوهاب الجبائي، كان شيخه أبايعقوب الشحام، ولقي غيره من متلكلمي زمانه، وكان على حداثة سنه معروفاً بقوة الجدل، توفي سنة ١٠٣ هـ، ذكره في طبقات المعتزلة ط/٢/ ١٤٠٩ هـ/٨٠، في الطبقة الثامنة.
(٤) أبوهاشم عبدالسلام بن محمد بن عبدالوهاب الجبائي، قدم بغداد سنة ٣١٧ هـ وتوفي سنة ٣٢١ هـ، ذكره في طبقات المعتزلة ط/٢/ ١٤٠٩ هـ/٩٤، في الطبقة التاسعة.