باب ذكر الولاء
بابُ ذكرِ الولاءِ
ثم أَشَارَ إلى السبب الثالث وهو الولاء فقال:
٤٩ - أَمَّا الْوَلاءُ فَهْوَ بِاتِّفَاقِ ... وَلَا مُوَالَاةٍ مَعَ الْعَتَاق
٥٠ - وَاخْتَصَّ بِالرِّجَالِ لَا النِّسَاءِ ... وَلَا الْمُوَالَاةِ بِلَا مِرَاء
٥١ - وَإِنَّما يَصِحُّ فِي الْحَرْبِيِّ ... وَلَا يَصِحُّ قَطُّ فِي الذِّمِّيّ
٥٢ - وَإِنَّمَا الإِرْثُ بِلَا خِلافِ ... بَعْدَ انْتِفَا الأَرْبَعَةِ الأَصْنَاف
أَشَارَ النَّاظِمُ غَفَرَ اللَّهُ له إلى السبب الثالث: وهو الولاء، وهو ضربان: وَلَاءُ موالاة، وَوَلَاءُ عَتَاقٍ، فولاءُ المولاةِ: إنما يثبت لمكلف ذكر حُرٍّ مسلم على حَرْبِيٍّ أسلم على يده؛ فخرج الصبي، والمجنون، والمرأة، والعبد، والكافر؛ فإذا بلغ الصبي، وأفاق المجنون، وعَتَقَ العبد، وأسلم الكافر كان الولاء لهم، وإلا فهو لبيت المال حتى يكمل ما ذكرناه. وقد نبه النَّاظِمُ على اختصاصه بالرجال دون النساء، وخالف في ذلك المهدي أحمد بن الحسين # فأثبته للمرأة، وقوله: (وإنما يصح في الحربي) هذا هو المذهب، والخلاف في ذلك مع أبي حنيفة فأثبته على الذمي أيضًا. وقَالَ الناصر، ومالك، والشافعي، والأوزاعي: لا إرث بِوَلَاءِ الموالاة مطلقًا؛ وحجةُ من أثبت التوارث به، ما أخرجه أبو داود والترمذي من حديث تميم الداري، أنه قال: قلت: يا رسول الله: ما السنة في الرجل يسلم الرجل على يديه من المشركين؟ قال: «هو أولى الناس بمحياه ومماته»(١). وأما اشتراط كونه حربيًّا لا ذميًّا فلأن من أسلم على يده فقد أنقذه من مظنة الاسترقاق، ولا كذلك الذمي لأنه لا يسترق. واعلم أن المراد بثبوت الولاء لمن ذكر هو ثبوت الإرث مع عدم الوارث من جهة النسب والعتاق، وولاية النكاح، مع عدم النسب والسبب. واعلم أيضًا أنه لا عبرة بالتعاقد عندنا، وعند (م وح، و ع)(٢): لا بد من ذلك، ومعنى التعاقد أن يقول: ترثني وأرثك. وأَشَارَ بقوله: (وإنما الإرث بلا خلاف) أي بين من يقول به بعد انتفاء الأربعة الأصناف، وعنى بهم العصبة وذوي السهام وذوي الأرحام والموالي وعصباتهم.
فائدة: إذا مات العتيق؛ فالميراث لعصبته وذوي سهامه، فإن لم يكن ثم عصبة فلذوي السهام سهامهم، والباقي لِمُعْتِقِهِ، فإن لم يكن فلعصبة المُعْتِقِ، فإن لم يجدوا: فَمُعْتِقِ الْمُعْتِقِ أو عصبته(٣)
(١) أبو داود ٣/ ٣٤٠ رقم ٦٣٤٠، والترمذي ٤/ ٣٧٥ رقم ٢٧١١.
(٢) م: المؤيد بالله، ح: أبو حنيفة، ع: أبو العباس. والله أعلم.
(٣) أي عصبة معتِقِ المعتِقِ.