باب ذكر ولاء العتاق
  أقدم من ذوي سهام المعتق وذي أرحامه، فإن عدم الموالي وعصباتهم كان ما بقي ردًّا على ذوي سهام العتيق، فإن عدموا(١) فذوو أرحام العتيق أقدم من ذوي سهام المعتِقِ، وذي أرحامه، فإن عدموا(٢) فالإرث لذوي سهام المعتِقِ أو معتِقِهِ، وذوي أرحام المعتق، ... فإن لم يكونوا فمولى الموالاة، فإن لم يكن فلبيت المال؛ لأنه لا يورث بالسبب ولا بالنسب؛ فافهم نفعنا الله وإياك بالعلم والعمل، وأغاثنا بالغيث وصرف الأمل لما لا يرضى من العمل، وعصمنا من الخطأ والزلل، وغفر لنا ما تقدم من الذنوب وما تأخر، وأحسن الختام بحق سيد الأنام وآله الطهر الكرام.
بابُ ذِكرِ وَلاءِ العتاقِ
  ثم أَشَارَ إلى الضرب الثاني وهو ولاء العتاق فقال:
  ٥٣ - أَمَّا وَلَا الْعَتَاقِ فَهْوُ عَامُّ ... فِيْهِمْ كَمَا حَقَّقَهُ الأَعْلامُ
  ٥٤ - وَأنَّهُ يَعُمُّ فِيْمَنْ أَعْتَقُوْا ... كَذَاكَ أَوْ أَعْتَقَ أَيْضَا الْمُعْتَقُ
  ٥٥ - أَوْ كَانَ قَدْ جَرَّ وَلَا مَنْ أَعْتَقُوْا ... كَمَا بِذَلِكَ الثِّقَاةُ حَقَّقُوا
  اعلم أنه لا خلاف في أن ولاء العتاق من الأسباب الموجبة للإرث، سواء كان العتق بعوض كالكتابة ونحوها، أو سراية نحو أن يَعْتَقَ نصفه فيعتق جميعه فالولاء للمعتِق، وسواء كان أصلًا أو جرًا، وأَشَارَ بقوله: (فهو عام فيهم) إلى أنه يعم الرجال والنساء بخلاف ولاء الموالاة كما سبق، والدليل على ذلك قوله ÷: «الوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ»(٣) أخرجه الجماعة كلهم من حديث عائشة في قصة بريرة عند مسلم من حديث أبي هريرة، والإجماع على ذلك من الأمة(٤). وأَشَارَ بقوله: (وأنه يعم فيمن أعتقوا ... إلخ) إلى أن الولاء للمعتق: إما أن يكون أصلًا أو جرًّا. وقد أَشَارَ إلى ما كان أصلًا بقوله: (وأنه يعم فيمن أعتقوا): فإذا أَعْتَقَ الرجلُ أو المرأةُ العبدَ ولم يكن لَهُ وَارِثٌ فإن المعتِقَ (بالكسر) هو الوارث له، وأَشَارَ إلى ما كان جرًّا بقوله: (أو أعتق أيضًا المعتَقُ): بالفتح أي من أعتَقه عَتِيْقُهُ أو ولدُ عَتِيقِهِ؛ ولا أخَصَّ منه؛ فالجرُّ لعتيق العتيق وولد العتيق، فإن العتيق يَجُّرُ وَلَاءَ ولده لسيده إلا أن يكون ثَمَّ
(١) أي ذوو سهام العتيق.
(٢) أي ذوو أرحام العتيق. تمت مؤلف ص ١٧.
(٣) التجريد ٢/ ٨١، والبخاري ٢/ ٧٥٧، والنسائي ٦/ ١٦٢ رقم ٣٤٤٧، وابن ماجة ٦/ ٦٧١ رقم ٢٠٧٦، وأحمد ٢/ ٢٥٠ رقم ٥٩٣٦, والبيهقي ١٠/ ٣٣٨، والموطأ ٢/ ١٤٠، وعبدالرزاق ٨/ ٤٢١ رقم ١٥٧٧٢.
(٤) مسلم ٨/ ٧ رقم ٢٧٦١ - ٢٧٦٩، والنسائي ٨/ ٤٢٤ رقم ٢٥٦٧، وأبو داود رقم ٣٤٢، ٧/ ٤٠٣ رقم ٢٥١٢.